سؤال من الأخ إبراهيم من الأردن، يقول: هل يجوز دفع الزكاة بنية الزكاة والصدقة في الوقت نفسه؟

دفع الزكاة بنية الزكاة والصدقة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالزكاة هي الصدقة، فالمسمى واحد لا خلاف فيه، والأصل فيه قول الله -عز وجل-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60]. وقوله -عز ذكره-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}، [التوبة:103]، وقول رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- – لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه إلى اليمن: (فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فإيَّاكَ وكَرائِمَ أمْوالِهِمْ)([1]). ومع أن الزكاة بمعنى الصدقة إلا أن هناك فرقًا بينهما؛ فالزكاة من فرائض الله على عباده تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فهي فرض؛ بدلالة قوله -عز وجل-: {فَرِيضَةً مِّنَ اللَّه}. فهذه الزكاة لا خيار للعبد في أدائها، بل تجب على كل ذي مال، طواعية أو جبرًا وهي قرينة الصلاة، وللمكلف بها إعلان وعدم الإسرار بها إخراجها، وهو مقيد في استحقاقها بأنصبتها وتقديرها.

أما الصدقة بالمعنى الآخر فصدقة التطوع، وهذه الصدقة تكون باختيار المتصدق، فإن فعلها فنِعمّا هي، وفضلها عظيم، وفيها قال الله -عز وجل-: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ}، [البقرة:245]. وقال -جل في علاه- {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}، [الحديد:7]. والآيات والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة.

فالحاصل -جوابًا للأخ السائل- أن نية الزكاة تختلف عن نية صدقة التطوع، فالزكاة يخرجها صاحبها بنية الزكاة المفروضة عليه، أما صدقة التطوع فيخرجها صاحبها بنية الصدقة التطوعية المجردة؛ ابتغاء وجه الله، واستجابة لقول رسوله محمد – -صلى الله عليه وسلم- -: (اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ)([2]).

والله – تعالى- أعلم.

 

([1]) صحيح البخاري برقم (1395).

([2]) خرجه البخاري (3595)، ومسلم (1016).