سؤال من الأخ: إبراهيم، من الأردن، يقول: ما حكم تصوير الموتى والجنائز ونشر تلك الصور في وسائل التواصل؟

تصوير الموتى ونشر صورهم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فكان العرب في جاهليتهم إذا مات الرئيس أو الكبير فيهم بعثوا راكبًا إلى القبائل أن فلانًا هلك وهلكت العرب؛ فيضجون بالصياح والعويل، وجاء الإسلام فأبطل هذا الصياح وأجاز النعي الذي يكون غايته إخبار أقرباء الميت وأصدقائه بموته؛ ليشاركوا في الصلاة عليه والتعزية فيه، والشاهد فيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-– نعى زيد بن ثابت وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة([1])، كما نعى -عليه الصلاة والسلام- للصحابة النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ([2]).

وقيل إن رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- – كان ينهى عن النعي([3])، ولعل المراد من النعي الذي كان معلومًا في الجاهلية.

أما النعي الذي يفيد الإخبار عن موت الشخص، خاصة إذا كان عالمًا أو كان فيه خير في الدِّين فلا بأس به، قال الإمام مالك: أكره صياح الرجل على أبواب المساجد، ولكن لو وقف على حلق المساجد فأخبر بذلك فلا بأس به([4]).

فدل ما ذكر على جواز النعي المراد منه الإعلان لأقارب الميت وأصحابه عن موته؛ للصلاة عليه كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد موت النجاشي، فهذا النعي لا بأس به، أما تصوير الموتى ونشر صورهم في وسائل الإعلام، والتفاخر بهذه الصور والإعلان فلا أرى له دليلًا، فإذا مات الشخص فقد أفضى إلى ربه، فحق له الدعاء بالرحمة. والله -تعالى- أعلم.

([1]) أخرجه البخاري، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب خالد بن الوليد رضي الله عنه، برقم: (3757)، (5/27).

([2]) أخرجه البخاري، كتاب: الجنائز، باب: التكبير على الجنازة أربعا، برقم: (1333)، (2/89)، ومسلم، كتاب: الجنائز، برقم: (951)، (3/54).

([3]) أخرجه الترمذي، أبواب: الجنائز، باب: ما جاء في كراهية النعي، برقم: (986)، (2/303)، وابن ماجه، أبواب: الجنائز، باب: ما جاء في النهي عن النعي، برقم: (1476)، (2/454)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم: (6911)، (2/1163).

([4]) انظر: السنن الكبرى، للبيهقي، (7/508)، وشرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل، لمحمد عليش، (4/1-5).