سؤال من الأخ أ.ن. من الجزائر، يقول فيه: أرسلتني أمي لشراء شيء للبيت، وقالت لي: لا تشتر بالدَّيْنِ، فقلت لها: والله لا أشتري بالدين حتى تطمئن أن معي نصيبًا من المال، لا لأجل الدين نفسه؛ لأني كنت ذاهبًا لأخذ المال من صديق لي، وكانت بيننا تجارة، لكنه لم يحضر المال، مما اضطرني إلى شراء لوازم البيت بالدين، فهل عليَّ كفارة يمين؟.

حكم اللغو في اليمين

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر السؤال أن والدة الأخ في السؤال شددت عليه ألا يشتري أغراض البيت بالدين، فقال لها: “والله لا أشتري بالدين”؛ ولأنه لم يحصل على المبلغ الذي له عند صديقه اضطر لشراء الأغراض بالدين، فهذه اليمين من باب اللغو المعتاد في كلام عامة الناس، كقولهم: “لا والله”، و”تالله”، وكذا قول من يبيع السلعة للمشتري: “والله لا أبيعها إلا بكذا”، والأصل في العفو عن هذه اليمين قول الله -عز وجل-: ﴿لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ (البقرة:225)، وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: “أيمانُ اللَّغوِ ما كان في المِراءِ، والهَزْلِ، ومُزاحةِ الحَديثِ الذي لا يُعقَدُ عليه القَلبُ”([1])؛ لقول الله -عز وجل-: ﴿وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾أي: حلف الحالف وهو يكذب فيما قال، وشاهده -أيضًا- قول الله -عز وجل-: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: 89].

فالحاصل: أنه ليس على الأخ في السؤال كفارة يمين؛ لأن ما قاله مجرد تطييب لخاطر أمه، وإرضاءٍ لها؛ فيمينه إذًا من باب اللغو المعفو عنه. والله-تعالى- أعلم.

 

[1] أخرجه من طرقٍ: الطَّبريُّ في التفسير (4457)، والبَيْهَقيُّ (20428)، واللَّفظُ له، وصحَّح إسنادَه ابنُ رجب في جامع العلوم والحِكَم (1/376).