الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر السؤال أن والدة الأخ في السؤال شددت عليه ألا يشتري أغراض البيت بالدين، فقال لها: “والله لا أشتري بالدين”؛ ولأنه لم يحصل على المبلغ الذي له عند صديقه اضطر لشراء الأغراض بالدين، فهذه اليمين من باب اللغو المعتاد في كلام عامة الناس، كقولهم: “لا والله”، و”تالله”، وكذا قول من يبيع السلعة للمشتري: “والله لا أبيعها إلا بكذا”، والأصل في العفو عن هذه اليمين قول الله -عز وجل-: ﴿لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ (البقرة:225)، وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: “أيمانُ اللَّغوِ ما كان في المِراءِ، والهَزْلِ، ومُزاحةِ الحَديثِ الذي لا يُعقَدُ عليه القَلبُ”([1])؛ لقول الله -عز وجل-: ﴿وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾أي: حلف الحالف وهو يكذب فيما قال، وشاهده -أيضًا- قول الله -عز وجل-: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: 89].
فالحاصل: أنه ليس على الأخ في السؤال كفارة يمين؛ لأن ما قاله مجرد تطييب لخاطر أمه، وإرضاءٍ لها؛ فيمينه إذًا من باب اللغو المعفو عنه. والله-تعالى- أعلم.
[1] أخرجه من طرقٍ: الطَّبريُّ في التفسير (4457)، والبَيْهَقيُّ (20428)، واللَّفظُ له، وصحَّح إسنادَه ابنُ رجب في جامع العلوم والحِكَم (1/376).