مصارف الزكاة محددة في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله محمد ﷺ.
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [التوبة: 60].
وأما السنة: فقول رسول الله ﷺ لرجل سأله الزكاة: (إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك)([1]).
وللعلماء قولان حول ما إذا كان يجب استيعاب الدفع لهذه الأصناف، أو إلى ما أمكن منها:
الأول: يقول بوجوب الدفع لهذه الأصناف، وهو قول الإمام الشافعي وآخرين([2]).
القول الثاني: يقول بجواز الدفع إلى واحد منها فيعطى جميع الصدقة مع وجود الآخرين، وهو قول الحنفية والمالكية، ورواية عن الإمام أحمد وهو المذهب، وجماعة من السلف([3]).
والصواب أن تصرف الزكاة للأصناف الثمانية، ولعل ذكرهم في الآية جاء لبيان الاستحقاق، وليس للترتيب والأولوية؛ فعلى هذا يجوز دفع كل الزكاة للقريب الفقير، ويجوز دفعها كذلك لجمعية واحدة أو جمعيات تقوم على رعاية المحتاجين والمعوزين، ويجوز دفعها للمدين، ولرعاية أسر الشهداء ومن في حكمهم؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به في قوله عزوجل: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]. فالمهم إذًا مراعاة من تقتضي المصلحة الشرعية مراعاته، دون مراعاة للترتيب الوارد في الآية.
([1]) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة ؟ وحد الغنى، سنن أبي داود، ج2 ص117، برقم (1630)، ضعفه الألباني في إرواء الغليل، (٨٥٩).
([2]) المجموع شرح المهذب للنووي، ج6 ص185-186.
([3]) شرح فتح القدير لكمال بن الهمام، ج2 ص264-265، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج1 ص498، والمغني لابن قدامة، ج4 ص127.