سؤال من الأخ أحمد م… والأخ قارة… من الجزائر عن حكم تحية المسجد عند آذان المغرب هل تجوز أو تؤجل إلى ما بعد الأذان؟ وهل يجوز الجلوس في المسجد دون تحية؟.

تحية المسجد عند غروب الشمس.

الجواب: الأصل عدم جواز الصلاة عندما تقترب الشمس من الغروب أو عند طلوعها. والأصل فيه حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ قال: (إذا بدأ حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب)([1]). وفي حديث آخر: (لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها)([2]). والأصل فيه أيضًا قول عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: (ثلاث ساعات كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيها موتانا؛ حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب)([3]).

قلت: هذه هي الأوقات التي ينهى فيها عما لا سبب له، وتحية المسجد من ذوات الأسباب؛ فتشرع في كل وقت ولو كان من أوقات النهي، أي أنها تجوز بعد صلاة الفجر، وقبل زوال الشمس، وبعد صلاة العصر؛ فعلى من دخل المسجد أن يصلي ركعتين لما رواه أبو قتادة صاحب رسول الله ﷺ قال: دخلت المسجد ورسول الله ﷺ جالس بين ظهراني الناس قال: فجلست فقال رسول الله ﷺ: (ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟) قال: فقلت يا رسول الله رأيتك جالسًا والناس جلوس، قال: (فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين)([4]). وما رواه أيضًا جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: كان لي على النبي ﷺ دين فقضاني وزادني ودخلت عليه المسجد فقال لي: (صل ركعتين)([5]).

وفي هذا قال الإمام النووي: إن النهي عن الصلاة في أوقات النهي إنما هو عما لا سبب له؛ لأن النبي ﷺ صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر، فخص وقت النهي وصلى به ذات السبب، ولم يترك التحية في حال من الأحوال، بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة، وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية، فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن؛ لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها. ولأن النبي ﷺ قطع خطبته وكلمه، وأمره أن يصلي التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام([6]).

وينبني على ما سبق أن على من دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية له، سواء في الأوقات العادية أو أوقات النهي.

([1]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص180، برقم (829).

([2]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص179، برقم (828).

([3]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص181، برقم (183). ومعنى: (تضيَّفُ الشمس) أي: مالت للغروب

([4]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب تحية المسجد بركعين وكراهية الجلوس قبل صلاتهما وأنّها مشروعة في جميع الأوقات، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص37-38، برقم (714، 715).

([5]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد وكراهة الجلوس قبلها، صحيح مسلم بشرح النووي، ج5 ص266، برقم (829).

([6]) شرح النووي على صحيح مسلم، ج5 ص226.