سؤال من الأخ أحمد من السودان يقول: من سرق أو اكتسب أموالاً بالحرام ثم تاب، فماذا يلزمه؟

حكم من سرق واكتسب مالًا حرامًا ثم تاب

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

 

فمن المحرم السرقة بأي صفة، وقد بين الله عقوبتها في قوله -عز وجل-: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]. واكتساب المال عن طريق غير مشروع، كالكذب والتدليس والغش- محرم، فكل هذه المحرمات معلومة من الدين بالضرورة، والمسلم ملزم حكمًا باجتناب هذه المحرمات والتوبة منها.

 وفي السرقة واكتساب المال الحرام حقان: الحق الأول: حق الله -عز وجل- وهو التوبة، والأصل فيها قوله -عز ذكره-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: 8]، وقوله جل في علاه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]، وقوله -تعالى-: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17].

والأصل في التوبة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ”([1]).

وللتوبة ثلاثة شروط، هي: ترك الفعل، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه.

أما الحق الثاني: فحق العباد، والمراد بهم من سرقت وسلبت أموالهم دون حق، فيجب أن ترد إليهم هذه الأموال، فإن تعذر ذلك فيكون ردها بالصدقة عنهم، فهذا الحق لا يسقط إلا بعفوهم، أو بالوسيلتين المشار إليهما.

فالحاصل أن على من سرق أو اكتسب مالًا حرامًا التوبة إلى الله منه، كما يجب عليه رد المال إلى أهله، فإما أن يعفوا، وإما أن يرده لهم، فإن تعذر ذلك وجبت الصدقة به عنهم.

والله – تعالى- أعلم.

[1]– ابن ماجه (4250) والطبراني في “المعجم الكبير” (10281) وأبو نعيم في “حلية الأولياء” (4/210) والبيهقي في “السنن” (20561) وحسنه السيوطي في “الجامع الصغير” (3386)، وكذا الألباني في “صحيح الجامع” (3008)، وصححه ابن باز في “مجموع الفتاوى” (10/314).