الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فإن أموال اليتامى في أشد الحاجة لحفظها وتنميتها لصالحهم، فقد شدد الله في وجوب الإصلاح لهم، فقال -جل في علاه-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليتامى قل إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]، وقال -تقدس اسمه-: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152]، وقال -عز وجل-: {وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]، ففي هذه الآيات المحكمات أمر بوجوب إصلاح أموال اليتامى وتنميتها وحفظها لهم.
ومنها نهيه -عز وجل- عن التصرف في أموالهم إلا بما فيه خير لهم، ومنها تحريم أكل أموالهم وأنه ظلم وإثم عظيم، فدل هذا على وجوب إصلاح أموالهم بما فيه خير لهم، إلى حين بلوغهم سن الرشد التي يستطيعون فيها استغلال أموالهم.
وللقيام على أموال اليتامى عدة أحكام:
منها: أن تكون الأولياء من أهل التقوى والعفاف.
ومنها: أن يكون التصرف في أموالهم مبنيًّا على حسن التصرف فيها، فلا يجوز المخاطرة فيها بما يضيعها.
ومن هذه الأحكام: أن تسلم لهم أموالهم بعد بلوغهم سن الرشد، وقدرتهم على التصرف فيها.
ومنها: على الولي أن يتخلى عن التصرف فيها إذا كان غير قادر على التصرف فيها بما يحفظها من الضرر.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ السائل فيجوز لولي اليتيم التصرف في ماله في التجارة، على أن يكون هذا التصرف مبنيًّا على العلم والمعرفة بأحوال التجارة وأسبابها.
والله -تعالى- أعلم.