الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالإسبال في اللغة : يقال: أسبل إزاره؛ أي: أرخاه وأرسله إلى الأرض([1]).
والمفهوم من هذا إرخاء الإزار إلى الأرض، وهذا له أربع صفات : الصفة الأولى : ما أسفل الكعبين: وهذا محرم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (ما أسْفلَ الكعبيْنِ من الإِزارِ ففِي النارِ)([2]).وهذا يعني التحريم المطلق، سواء كان يقصد صاحبه العجب بنفسه أو التكبر على غيره، فالعبرة بظاهر النص والمطلق يجري على إطلاقه.
الصفة الثانية : إسبال الإزار بقصد فيه تكبر وخيلاء، وهذا أشد إثمًا وأشد عقابًا؛ لأنه يدل على الكبر على غيره من عباد الله، الذين جعل الفارق بينهم في التقوى فحسب، كما في قوله -تعالى- : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(الحجرات:13). وقوله -عز ذكره- (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات:10). مما يوجب العلاقة الحسنة بينهم وعدم تكبر بعضهم على بعض، وقد وعد الله المتكبرين على غيرهم بالعذاب الأليم يوم القيامة، ففي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَطْوي اللهُ السَّماواتِ يومَ القيامةِ ثُمَّ يأخُذُهنَّ بيدِه اليمنى ثُمَّ يَطْوي الأَرَضينَ ثُمَّ يأخُذُهنَّ بشمالِه ثُمَّ يقولُ أنا المَلِكُ، أين الجبَّارونَ أين المُتكبِّرونَ)([3]).
الصفة الثالثة : ارتخاء الإزار دون فعل من صاحبه: وهذا لا يعد خيلاء إذا تعاهد بالرفع؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: (إنك لستَ ممَن يَصْنَعُ ذلك خُيَلاءَ )([4]). فدل ذلك أن من استرخى إزاره دون فعل منه لا يعد كبرًا ولا خيلاء، و أن من استرخى إزاره وجب عليه رفعه حتى لا يشمله الإثم .
الصفة الرابعة : لباس المرأة: فالواجب عليها إرخاؤه ليغطي قدميها .
هذه هي صفات الإسبال للرجال والنساء، ومما يجب على المسلم تحريم ما حرمه الله، والاهتداء بما أمر به عباده من عدم العجب بالنفس والتكبر على غيره من عباد الله؛ ليكون ذلك أدعى للعلاقة الحسنة ونبذ العداوة والبغضاء.
فالحاصل: أن إسبال اللباس للرجل ما أسفل من الكعبين محرم، وأن التكبر الخيلاء مما حرمه الله، وأن اللباس إذا ارتخى من نفسه لا يعد من الخيلاء ولا من الكبر مع وجوب رفعه من الارتخاء، أما لباس المرأة فيكون بإرخاء لباسها ليغطي قدميها.
والله تعالى أعلم .
[1] – انظر: الصحاح (5/ 1723)، وانظر النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة: (سبل).
[2] -أخرجه البخاري برقم: (5787)
[3] -أخرجه البخاري برقم:(7412) بنحوه مختصرًا، ومسلم برقم: (2788) باختلاف يسير.
[4] -أخرجه البخاري برقم: (5784)، ومسلم برقم: (2085) باختلاف يسير