الأصل في عروض التجارة حكم عام وحكم خاص. أما الحكم العام: فقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: 103]. وأمره تعالى في مواضع كثيرة من كتابه العزيز بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. وقول رسول الله ﷺ لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: (. . فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)([1]).
وأما الحكم الخاص، فما رواه أبو ذر -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: (في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته)([2]). وما رواه سمرة بن جندب قال: «أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع»([3]). وما رواه أبو عمرو بن حماس عن أبيه قال: «كنت أبيع الأدم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو الأدم، قال: قومه ثم أخرج صدقته»([4]).
وقد أجمع سلف الأمة على وجوب الزكاة في عروض التجارة خلافًا للظاهرية.
وينبني على هذا أن في عروض التجارة زكاة إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول، وعلى من يملك هذه العروض أن يقومها بعد مرور سنة هجرية عليها، ثم يخرج ربع عشر قيمتها؛ ويتم التقدير إما عن طريق الحساب إذا كان صاحبها يعرف تجارته معرفة دقيقة، كما لو كانت مسجلة في أوراق أو خلافها، فإن لم يكن لديه هذه المعرفة قدرها جزافًا.
([1]) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، فتح الباري، ج3 ص307، برقم (1365).
([2]) أخرجه الدارقطني في كتاب الزكاة، باب ليس في الخضروات صدقة، سنن الدارقطني، ج2 ص102، قال الذهبي في المهذب في اختصار السنن، (٣/١٥٠٥): إسناده جيد ولم يخرجوه.
([3]) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب العروض إذا كانت للتجارة (هل فيها زكاة)، سنن أبي داود، ج2 ص95، برقم (1562)، ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود، (١٥٦٢).
([4]) أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال ص425، والبيهقي في كتاب الزكاة، باب زكاة التجارة، السنن الكبرى، ج4 ص147، قال شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن الدارقطني، (٢٠١٨): إسناده حسن.