الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالمساجد بيوت الله في الأرض، وعمرانها بالصلاة وذكر الله، ولا يعمرها إلا المؤمنون، قال الله -عز وجل- : (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة: ١٨]، وقال -عز ذكره-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [النور: ٣٦-٣٨]، فعمران المساجد بطريقين: الأول: عمرانها ببنائها ماديًا، وفي هذا فضل عظيم؛ لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (من بنى مسجدًا كمِفْحَصِ قَطَاةٍ أو أصغرَ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ)([1])
الطريق الثاني لعمارة المساجد عمارتها بالصلاة، وذكر الله فيها وحمده وتسبيحه والثناء عليه، وقراءة القرآن وتعليمه فيها، وحمايتها من العبث، أو البيع فيها، ونحو ذلك مما يتنافى مع وجوب تعظيمها.
أما سؤال الأخ، فالأفضل أن يكون سماع المحاضرة أو الذكر في المساجد، هذا هو الأفضل، ولكن إذا تعذر ذلك؛ لكون الإنسان بعيدًا عن المسجد، كما لو كان في سفر أو كان في برية فسماع الذكر من المسجل أمر طيب، وفيه إن شاء الله أجر، والله – تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه ابن ماجه (738) آخره، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/332) باختلاف يسير، وابن خزيمة (1292) واللفظ له.