الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:
فإن بناء المساجد من أعظم القربات عند الله؛ لأنها بيوته التي تقام فيها عبادته، وفي فضل بنائها قول الله -عز وجل-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)(التوبة:18). وقول رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة)([1]). ومن المعلوم أن دين الإسلام دين نظام وقواعد، ومن هذه القواعد أن تكون عمارة المسجد مبنية وفق الأسس التي تصدر من الجهات التي تملك السماح بهذا البناء، فهذه الجهات تمثل ولي الأمر، وقد أمر الله -عز وجل- بطاعة ولي الأمر في قوله -تقدس اسمه- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)(النساء:59) .
وموافقة الجهات المسؤولة على بناء المسجد تنفي أي شك قد يساور الذين يصلون فيه، سواء كان هذا الشك في أرضه، أو في صلاحه للصلاة فيه، ونحو ذلك مما هو معتاد في هذه الأمور في بلاد المسلمين .
وهؤلاء الإخوة الذين قاموا ببناء هذا المسجد مأجورون -إن شاء الله-، ولكن عليهم أن يتموا عملهم بطلب الموافقة على هذا المسجد من الجهات المسؤولة؛ لأن الأمور مرهونة بأحكامها، فلا يجوز التجاوز على هذه الأحكام؛ لما سيؤدي إليه هذا التجاوز من الشكوك وتنافر النفوس .
فالحاصل وجوب مراجعة الجهات المسؤولة عن المساجد للحصول على موافقتها؛ لما في ذلك من مصلحة الذين تبرعوا ببناء هذا المسجد ومصلحة المصلين فيه .
[1] – أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (1611).