الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فظاهر السؤال أن العامل في المحل التجاري يرفع السعر على الناس دون موافقة صاحب المحل ويأخذ فرق السعر لنفسه.
والجواب: أن من يفعل هذا هو ظالم لنفسه؛ لأن الفرق في السعر حرام عليه، كما أنه ظلم لصاحب المحل الذي حدد له أسعار البضائع فزاد عليها، كما أنه ظالم للناس؛ لأنه يرفع عليهم السعر وهم لا يدرون.
إن هذا العمل يعد خيانة لصاحب المحل وظلم له؛ لأن المشترين سوف يبحثون عن مكان آخر أقل سعرا، فهذا الفعل من خيانة الأمانة؛ لأن صاحب المحل ائتمن العامل على البيع بالسعر الذي حدده له، وخيانة الأمانة من كبائر الذنوب والأصل في هذا قول الله عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]، وقوله تقدس اسمه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} [الأحزاب: 72]، والأصل فيه أيضا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: ” آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ”([1])، وقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه يوسف بن ماهك المكي رضي الله عنه: ” أدِّ الأمانةَ إلى منِ ائتمنكَ، ولا تخنْ من خانكَ”([2]).
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا يجوز للعامل أن يرفع السعر على الناس خلاف ما حدده له صاحب المحل والفرق الذي يأخذه يعد حراما عليه.
والله تعالى أعلم
[1] رواه البخاري (33) ومسلم (59).
[2] أخرجه أبو داود (3534) واللفظ له، والدولابي في ((الكنى)) (1/187)، والبيهقي (21837)، من حديث والد فلان، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم(3534).