سؤال من الأخت” q.ñ “من الجزائر تقول: يا شيخ أنا من الجزائر أريد الاستفسار عن مسألة السهو في الصلاة مؤخرا أصبحت أنسى كثيرا في صلاتي لدرجة أنني أقرأ السورة الثانية بعد الفاتحة وأنسى عما إذا كنت قد قرأت الفاتحة أم لا حتى أنني أحيانا أصبحت أقرأ الفاتحة بعد السورة الثانية حتى لا يتمكن مني الشك في صحة صلاتي أرجو من حضرتكم إفادتي ماذا أفعل في هذه الحال؟

النسيان أثناء الصلاة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فإن نسيان  العبد صلاته مما يحدث كثيرا للإنسان والسبب في هذا أن الشيطان يتعرض له ليفسد صلاته في يقظته وعند منامه يأتيه في ركوعه وسجوده فيوسوس له أنه أحدث وهو لم يحدث ويوسوس له  أنه لم يقرأ في صلاته ويوسوس له في طهارته فينفث في مؤخرته ويقول  أحدثت وهو لم يحدث ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ” يأتي أحدَكمُ الشَّيطانُ في الصَّلاةِ, فينفخُ في مقعدتِه ، فيُخيَّلُ إليهِ أنَّهُ أحدَثَ، ولَم يُحدِثْ , فإذا وجدَ ذلِك فلا ينصرِفْ حتَّى يسمعَ صوتًا أو يجدَ ريحًا”([1]) ولا يزال الشيطان يتربص بالعبد و يكيد له ويذكره في صلاته بأمور الدنيا حتى ينسى صلاته فلا يدري أصلى كل الصلاة أم بعضها.

ولهذا حذر الله عزوجل عباده من وساوس الشيطان وهمزاته ونفثاته فقال عز ذكره: ” إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ”(فاطر:6) وقال تقدس اسمه: “وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ “(الأعراف:200) وقد مدح عزوجل المؤمنين بأنهم إذا تعرضوا لطائف من الشيطان تذكروا عداوته ووساوسه فيتعوذون منه وفي هذا قال تقدس اسمه : “إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ”(الأعراف: 201).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فعليها إذا نسيت شيئا من الصلاة فتسجد للسهو وتتعوذ من الشيطان ووساوسه وتكثر من الذكر وقراءة سورة الناس وهي: ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَٰهِ النَّاسِ ،مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ”(الناس:1-6) كما تكثر من قراءة قول الله عزوجل: “رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا”(البقرة:286).

وإذا نسيت صلاة ثم ذكرتها فتصليها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:” مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا “([2]) وعليها ألا تيأس من محاولات الشيطان لصدها عن دينها بل تستعيذ بالله منه فهو نعم المولى ونعم النصير.

والله تعالى أعلم.

 

[1] أخرجه القاسم بن سلام في ((الطهور)) (410)، والطبراني (11/222) (11556) باختلاف يسير، والبيهقي (3509) مختصراً.

[2] أخرجه مسلم(684).