الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالسباب في عمومه نشاز في طبيعة العبد وهو في أساسه من نزغات الشيطان وإضلاله وهو أذى لما ينتج عنه من فساد النفوس وبغضائها فقد وعد الله المؤذين البهتان والإثم المبين في قوله جل في علاه: ” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا”(الأحزاب:58) وقدر حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السباب بين عباد الله فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبوذر الغفاري رضي الله عنه: ” لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بالفُسُوقِ، ولا يَرْمِيهِ بالكُفْرِ؛ إلَّا ارْتَدَّتْ عليه إنْ لَمْ يَكُنْ صاحِبُهُ كَذلكَ”([1]) وقال عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ” سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ”([2]).
والسباب يورث العداوة والبغضاء فإذا تساب الرجلان اختلفا وإذا اختلفا لا يرفع لهما عمل فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” تُفتَحُ أبوابُ الجنَّةِ يومَ الاثنينِ و الخميسِ، فيغفرُ اللهُ عزَّ وجلَّ لِكلِّ عبدٍ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا، إلَّا رجلًا كانَ بينَه وبينَ أخيهِ شحناء، فيقول: أنظروا هذينِ حتَّى يصطلحا، أنظِروا هذينِ حتَّى يصطلِحا ،أنظِروا هذينِ حتَّى يصطلِحا”([3]).وقال عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:” المستبَّانِ ما قالا ! فعلى البادي منهما ما لم يعتدِ المظلومُ”([4]).
والأحاديث في هذا كثيرة وهي في معانيها تحذير للعبد من أن يجعل لسانه ينزلق في السباب فيسب هذا ويطعن في هذا مما يتعارض مع طبيعة المسلم التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ” ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ”([5]).
هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخت فالبادئ في السباب هو الأظلم فإن بادلته بالسباب أثمت مثله وإن صبرت كان الإثم عليه وحده فالسباب بينهما مغاير للحكمة من الزواج فقد جعله سبيلا للمحبة والمودة والتعاون لبناء الأسرة الصالحة فإذا كان الزوجان يتسابان دل ذلك على فساد العيش بينهما مما يخالف حكمة الله وإرادته.
إن الشيطان يتربص بالمسلم ويكيد له ويدفعه إلى الشر والعداوة والبغضاء بين الزوجين وحثهما على هذا السباب ليكون سببا في طلاقهما وعلى الزوج وزوجته في السؤال أن يستعيذا بالله من الشيطان ويستغفران عما حدث منهما.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه البخاري (6045).
[2] أخرجه البخاري (48)، ومسلم (64).
[3] أخرجه مسلم(2565).
[4] خرجه أبو داود (4894) واللفظ له، وأخرجه مسلم (2587) باختلاف يسير.
[5] أخرجه الترمذي (1977) واللفظ له، وأحمد (3839) وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم(1977).