الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالواضح من السؤال عن امرأة فقيرة لا تراعي الحجاب، وما إذا كانت الصدقة تجوز لها.
الأصل أن على المرأة المسلمة مراعاة الحجاب الشرعي، وعدم الزينة أمام الرجال الأجانب، والأصل في هذا قول الله عزوجل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}، [النور:31]، والأصل فيه أيضا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبوسعيد الخدري رضي الله عنه:”اتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ”([1])، وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو موسي الأشعري رضي الله عنه:” أيما امرأةٍ استعطرتْ فمرتْ على قومٍ ليجدوا من ريحِها فهي زانيةٌ”([2]).
فالواجب على المرأة المذكورة مراعاة حجابها حتى لا تقع في الإثم، وهو اللعنة، والعياذ بالله من ذلك.
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فالواضح منه أنها فقيرة، ومن صفات المسلم الصدقة على الفقير، فإذا بدر منه خطأ فهذا لا يحول دون الصدقة عليه، خاصة وهو فقير، وقد عظم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر الصدقة فقال -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه-: “اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقَّةِ تَمْرَةٍ”([3])، وقال -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: “الصَّدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يطفئُ الماءُ النَّارَ”([4])، وقال أيضا -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه:” كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ”([5])، والأحاديث في هذا كثيرة.
فالحاصل: أن على الأخت المشار إليها مراعاة الحجاب الشرعي وعدم إظهار زينتها للأجانب وعدم حرمانها من الصدقة بسبب حاجتها.
والله -تعالى- أعلم.
[1] أخرجه مسلم (2742).
[2] صحيح النسائي (5141)، حسنه الألباني في صحيح النسائي، (٥١٤١).
[3] أخرجه البخاري (3595)، ومسلم (1016).
[4] صحيح الترمذي للألباني (2616).
[5] أخرجه أحمد (17333)، وابن خزيمة (2431)، وابن حبان (3310)، وكما في ((موارد الظمآن)) للهيثمي (817) واللفظ له، صححه السيوطي في الجامع الصغير، (٦٢٦٤).