سؤال من الأخت” F.a”من الجزائر تقول: أنا متزوجة زوجي يعمل معي – أكرمكم الله – عمل قوم لوط، وأنا رافضة تماما، وهو يحاول يجبرني على ذلك، فهل يجوز لي أن أطلب الطلاق؟

حكم ممارسة عمل قوم مع الزوجة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فهذا الفعل أسوء الأفعال فحشا وفسادا، فلم يرد في التاريخ أن قوما فعله غير قوم لوط، وذلك لمخالفة هذا الفعل لخلق الله، وتجاوزه للحدود التي وضعها لعباده منهجا وسلوكا، ولهذا عاقب قوم لوط بأشد العقاب فكان لكل واحد منهم حجر يقتله، قال ربنا جل في علاه: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ، وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (الأعراف:80-84).

وقد حاول نبي الله لوط عليه السلام أن يثنيهم عن سوء فعلهم، ويرشدهم إلى الطريق المستقيم للاجتناب عما حرم الله، أبوا أن يتبعوه بل هموا بقلته وإخراجه من بينهم، وفي هذا قال تقدس اسمه: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ،وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ،قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ، قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ“(هود:77-83).

هذا هو عقاب الله لقوم لوط على سوء فعلهم.

أما في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: “لعن اللهُ من عَمَلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ لعن اللهُ من عَمَلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ ثلاثًا”([1])، وقال عليه السلاة والسلام فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: “مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ”([2]).

قلت: فهذه الكبيرة من أشد الكبائر، وهي ممقوتة بكل المقاييس الدينية والخلقية.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عما يريد زوجها أن يفعله فعليه أن يتقي الله، ويخشى عقابه فإن عاقبة هذا الفعل الخسران والعذاب الشديد، فإن لم يتب إلى الله ويستغفر عن هذا الفعل، فيحق لها أن تطلب الطلاق بحكم أن هذا الفعل من أشد المعاصي والمنكرات.

والله تعالى أعلم

[1] أخرجه ابن حبان (4417)، والطبراني (11/218) (11546)، والحاكم (8052) باختلاف يسير وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم(589).

[2] أخرجه الترمذي (1456) وأبو داود (4462) وابن ماجه (2561)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه، (٢٠٩١).