سؤال من الأخت” A.b ” من الجزائر تقول: أنا مفتشة تربية وتعليم وعند الذهاب لترسيم الأساتذة أجدهم قد أحضروا الحلويات والهدايا والطعام احتفالا بالترسيم في العمل وقد نبهتهم مرارا لكنهم يقولون في كل مرة نحتفل مرة في العمر وقد أرسلت إرسالية لمديري المدارس بأن ذلك ممنوع ولن يدعوني أن أخرج من المدرسة حتى أكل وأنا غير راضية ما الحل قلت لهم لا يجوز يقولون دوما نحن نكرمك فقط، ملاحظة أنا لا أخذ بعين الاعتبار ما يقدمونه ولا يؤثر على الترسيم فقط ينجح من هو كفء ما رأيكم؟

الهدايا التي ترسل للعاملين الحكوميين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

ففي عصر الماديات تكثر السلبيات في السلوك ابتغاء المصالح، مما يؤثر في العمل وطبيعته، ومن هذا السلوك الرشاء وهذا من أخطر السلوك في التعامل على حساب المصالح العامة، فيأخذ الراشي ما لايستحقه ويحرم منه من يستحقه ومع مرور الزمان يتحول الكيان إلى فساد في عمومه.

فالرشاء عامل من عوامل الفساد وقد حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: ” لعنةُ اللهِ على الرّاشِي والمُرْتَشِي “([1])، والرائش( الوسيط) كما حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الرشاء فيما رواه أبو حميد الساعدي -رضي الله عنه-أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَعْمَلَ عامِلًا، فَجاءَهُ العامِلُ حِينَ فَرَغَ مِن عَمَلِهِ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا لَكُمْ، وهذا أُهْدِيَ لِي. فقالَ له: “أفَلا قَعَدْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ، فَنَظَرْتَ أيُهْدَى لكَ أمْ لا؟! ثُمَّ قامَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ، فَتَشَهَّدَ وأَثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فَما بالُ العامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينا فيَقولُ: هذا مِن عَمَلِكُمْ، وهذا أُهْدِيَ لِي؟! أفَلا قَعَدَ في بَيْتِ أبِيهِ وأُمِّهِ فَنَظَرَ: هلْ يُهْدَى له أمْ لا؟! فَوالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَغُلُّ أحَدُكُمْ مِنْها شيئًا إلَّا جاءَ به يَومَ القِيامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ؛ إنْ كانَ بَعِيرًا جاءَ به له رُغاءٌ، وإنْ كانَتْ بَقَرَةً جاءَ بها لها خُوارٌ، وإنْ كانَتْ شاةً جاءَ بها تَيْعَرُ، فقَدْ بَلَّغْتُ”([2]).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فما يقدمه أصحاب الترسيم للمسئولين عن التعليم يعد من باب الرشاء.

فالواجب عليهم ألا يفعلوا ما فعلوا ففعلهم هذا رشاء وعلى القائمين على الترسيم عدم قبول الهدايا، فهذه الهدايا بالنسبة لهم غلول، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه: “منِ استعملناهُ على عملٍ فرزقناهُ رزقًا فما أخذَ بعدَ ذلِكَ فَهوَ غُلولٌ”([3]).

فالحاصل: أنه يجب على طالبي الترسيم عدم تقديم الهدايا للعاملين عليه؛ لأن ذلك من باب الرشاء الذي لعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والله تعالى أعلم.

 

[1] أخرجه أبو داود (3580)، والترمذي (1337) باختلاف يسير، وابن ماجه (2313)، وأحمد (6984) واللفظ لهما، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٥١١٤).

[2] أخرجه البخاري(6636).

[3] : أخرجه أبو داود (2943)، وابن خزيمة (2369) واللفظ لهما، والبزار (4427) باختلاف يسير وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(2943).