سؤال من الأخت” ي .ح” من الجزائر تقول فيه: هناك من يقول: إن الأضحية فيها إراقة دماء الحيوان، وقتلها بشكل لا يليق، والأفضل أن نتصدق بقيمة الأضحية للفقراء، فما ردكم على هؤلاء؟.

القول بأن في الأضحية إراقةَ دماءِ الحيوان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فإن الله -عز وجل- خلق الخلق، وهو أعلم بأحوال خلقه، وما ينفعهم، وما يضرهم، ولا يعترض على ذلك إلا مَنْ سَفِهَ في نفسه، وضل في عقله، فقد خلق  -عز وجل- الحيوان، وهو أرأف وأرحم به حين جعل فيه منافع لعباده، كما قال -جل في علاه -: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ (النحل:5).

والعجب أن يتكلم بعضهم عن إراقة دماء الحيوان في الأضحية، مع أن الأضاحي لا تذبح إلا مرة في السنة، بينما دماء الحيوان تراق خلال السنة من كل البشر، فالكلام عن إراقة دم الأضحية كلام خاطئ، ومردود عليه، والرفق بالحيوان حال حياته وحال ذبحه من قواعد الإسلام، فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه شداد بن أوسي -رضي الله عنه-: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»([1]).

ومن الرفق في ذبح الأضحية: إراحة الحيوان، فلا يذبح أمام حيوان آخر، ولا يُجَوَّعُ أو يُظْمَأُ قبل ذبحه، ويستحب إضجاعُها برِفقٍ، والإحْسانُ إليها، ويشمَلُ هذا إحدادَ السِّكِّينِ، وتعجيلَ إمرارِها، وغيرَ ذلك مِن حُسنِ سَوقِها([2]).

أما القول بالتصدق بثمن الأضحية فإن مما تعارف عليه المسلمون في سلفهم وخلفهم أن ذبحها أفضل من التصدق بقيمتها لأسباب متعددة:

أولها: أنها شعيرة من شعائر الله، ولا يعظِّمُ هذه الشعائرَ إلا المتقون كما قال -عز وجل-: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج: 32).

ومنها: أنها تذبح في الأيام المباركة أيام الحج واجتماع المسلمين فيه.

ومنها-وهو الأهم-: أن ذبحها من فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو كان التصدق بثمنها أفضل من ذبحها لَبَيَّنَه-عليه الصلاة والسلام-، وقبله في ذلك نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، فالقول بأن التصدق بثمنها أفضل من ذبحها منافٍ لهذه السنة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة؛ لقول الله -عز وجل-: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ (الأحزاب:21).

هذا في عموم المسألة، أما قول السائلة بأن ذبح الأضحية هو شكل غير لائق فقول غير صحيح، والمسلمون يعرفون كيف يذبحون أضاحيَهم وفقا لسنة نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

والله -تعالى- أعلم.

[1] – أخرجه مسلم برقم : (1955).

[2] شرح النووي لمسلم 13/107، ونيل الأوطار للشوكاني 8/162.