الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجواب عن سؤال الأخت أن الصدقة تجوز للحي فيتصدق الولد عن والديه أو أحدهما، فيبني لهما مثلًا مسجدًا أو ملجأً للأيتام أو وقفًا خيريًّا، أو يصنع طعامًا للمحتاجين، أو يتصدق بأي صدقة مهما قلت. فينوي أن ذلك صدقة لوالديه أو لأحدهما، ويجوز تسمية هذه الصدقة باسميهما؛ لكي يكون ذلك سببًا في دعاء غيرهما لهما، والشاهد في هذا قول الله -عز وجل- في وجوب بر الوالدين: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، [الإسراء:23]، ومن الإحسان الصدقة لهما، وقوله -عز وجل- : {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، [الإسراء:24]، فالصدقة مثل الدعاء وبر الولد بوالديه لا ينقطع بموتهما، بل يستمر هذا البر إذا لم يكونا قد حجّا مثلًا، أو بذل الصدقة عنهما، فكل هذا من بر الولد بوالديه فكما أن والديه يفرحان بهذا البر وهما حيّان أو ميتان، فإنه لا يعدم فضل هذا البر في نفسه؛ كما قال الله -عز وجل-: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ}، [النجم:39-41]، وكما تجوز الصدقة عن الوالدين الأحياء، تجوز صدقة الصديق لصديقه، ممن يرى أن له عليه حقًّا كمعلميه ومربيه ومشايخه ونحو ذلك.
والله – تعالى- أعلم.