سؤال من الأخت ” و.م “من الجزائر تقول فيه: هل يجوز للأب كتابة ما يملكه لأبنائه بغرض حرمان البنات المتزوجات من الميراث؟.

حكم حرمان الأب البنات المتزوجات من الميراث

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،

فالجواب: أن الله-جل في علاه-أمر بالعدل في قوله-تقدس اسمه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ (النحل: 90)، وهذا أمر عامٌّ يشمل كل ما يفعله الإنسان في مسار حياته، حتى في حال العداوة والخلاف، وفي هذا قال-عز وجل-: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ (المائدة:9) أي: أن هذا أمر لازمٌ، لا مناصَ للعبد من فعله، والآيات في وجوب العدل كثيرة، منها قوله-تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ﴾ (النساء: 135)، وقوله-عز ذكره-: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ (الأنعام: 152).

هذ في الكتاب، أما في السنة فقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ-عزَّ وجلَّ-، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ-، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا»([1]).

هذا في عموم المسألة، أما بالنسبة للسؤال فما يفعله الأب يعد من أنواع الظلم، وعاقبة الظلم الإثم الكبير، والشاهد فيه قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم»، ومفاد الحديث ما رواه النعمان بن بشير-رضي الله عنه-قال: أعطاني أبِي عطيَّةً، فقالَت عَمْرَةُ بنتُ رَواحةَ: لا أرضَى حتَّى تُشهِدَ رسولَ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأتى رسولَ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَ: إنِّي أعطَيتُ ابنِي مِن عَمْرةَ بنتِ رَواحةَ عَطيَّةً، فأمرَتْني أنْ أُشهِدَك يا رسولَ اللهِ، قال: «أَعْطَيْتَ سائرَ ولَدِك مِثلَ هذا»؟ قال: لا، قال: «فاتَّقُوا اللهَ، واعدِلُوا بيْنَ أولادِكُم»، قال: فرَجَع فرَدَّ عطيَّتَه([2]).

فالحاصل: أنه لا يجوز للأب في المسألة حرمان بناته، وتفضيل إخوانهن عليهن، وهذا ظلم، والخير للأب أن يعدل بين أولاده حتى لا يقع في الظلم والإثم. والله -تعالى- أعلم.

[1] – أخرجه مسلم برقم (1827).

[2] – أخرجه البخاري برقم (2587).