الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،
فالجواب: أن الله-جل في علاه-أمر بالعدل في قوله-تقدس اسمه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ (النحل: 90)، وهذا أمر عامٌّ يشمل كل ما يفعله الإنسان في مسار حياته، حتى في حال العداوة والخلاف، وفي هذا قال-عز وجل-: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ (المائدة:9) أي: أن هذا أمر لازمٌ، لا مناصَ للعبد من فعله، والآيات في وجوب العدل كثيرة، منها قوله-تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ﴾ (النساء: 135)، وقوله-عز ذكره-: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ (الأنعام: 152).
هذ في الكتاب، أما في السنة فقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ-عزَّ وجلَّ-، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ-، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا»([1]).
هذا في عموم المسألة، أما بالنسبة للسؤال فما يفعله الأب يعد من أنواع الظلم، وعاقبة الظلم الإثم الكبير، والشاهد فيه قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم»، ومفاد الحديث ما رواه النعمان بن بشير-رضي الله عنه-قال: أعطاني أبِي عطيَّةً، فقالَت عَمْرَةُ بنتُ رَواحةَ: لا أرضَى حتَّى تُشهِدَ رسولَ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأتى رسولَ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَ: إنِّي أعطَيتُ ابنِي مِن عَمْرةَ بنتِ رَواحةَ عَطيَّةً، فأمرَتْني أنْ أُشهِدَك يا رسولَ اللهِ، قال: «أَعْطَيْتَ سائرَ ولَدِك مِثلَ هذا»؟ قال: لا، قال: «فاتَّقُوا اللهَ، واعدِلُوا بيْنَ أولادِكُم»، قال: فرَجَع فرَدَّ عطيَّتَه([2]).
فالحاصل: أنه لا يجوز للأب في المسألة حرمان بناته، وتفضيل إخوانهن عليهن، وهذا ظلم، والخير للأب أن يعدل بين أولاده حتى لا يقع في الظلم والإثم. والله -تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه مسلم برقم (1827).
[2] – أخرجه البخاري برقم (2587).