الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجواب أن الزكاة للفقراء والمساكين وغيرهم ممن سماهم الله بالاسم بقوله تقدس اسمه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60]. فالفقراء اسم جامع، فكل من محتاج لما هو ضروري في حياته يعد فقيرا، وأساس الفقر الحاجة في حياة العبد، فمن لا يملك مسكنا، ولا يستطيع دفع إيجار، ولوكان موظفا، والمدين الذي تراكمت عليه الديون، يعد فقيرا -ولو كان يملك مسكنا- فدفع الحاجة ضرورة، ولكن هذه الضرورة تقدر بقدرها، كما يقول أهل العلم، وطلاب العلم المشروع قد يكونوا أصحاب حاجة، عندما لا يقدرون على دفع رسوم دراستهم، ويعدوا حينئذ فقراء ممن يستحقون الزكاة لفقرهم، فالعلم أساس في حياة العبد، ومساعدة العلماء والمتعلمين إذا كانوا فقراء، فمن لا يستطيع سداد رسوم دارسته لفقره، يعد ممن يستحقون الزكاة لفقرهم، ولكن ذلك مقيد بشروط منها أن يكونوا فعلا فقراء، لا يقدرون دفع رسوم دراستهم، ومنها أن يكون العلم الذي يتعلمونه مشروعا؛ ينتفع منه المتعلم وتنتفع منه أمته.
فإذا تحقق هذان الشرطان جاز دفع الزكاة لهم، والعلم سبيل من سبل الله.
هذا في عموم المسألة: أماعن السؤال، فيجوز دفع الزكاة لطلاب العلم، الذين لا يقدرون على مصاريف دراستهم على شرط أن يكونوا فقراء، وعلمهم مشروعا.
والله -تعالى- أعلم.