سؤال من الأخت ه.ن. يقول: شيخنا، نويت قيام الليل وما صليت الوتر، وفاتتني صلاة الفجر، كيف أقضي الوتر؟ علما بأني أوتر بركعة واحدة.

قضاء ما فات من الوتر

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

   فإن الوتر من التطوع، وفيه فضل كبير، وقد اختلف في وجوبه من عدمه، فقال الإمام أبوحنيفة إنه واجب خلافًا لبعض العلماء، وقد استدل هؤلاء بعدم الوجوب بما روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الصُّنَابِحِيّ ، قَالَ : زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ ، فَقَالَ : عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ – تعالى- مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ([1])، وما روي عن طلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ – رَضِيَ اللهُ عنه- أنَّ رجلًا جاءَ إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، وقال: (ما الإسلامُ؟ قال: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ؛ قال: فهلْ عليَّ غيرُها؟ قال: لا إلَّا أن تتطوَّع، فقال: واللهِ لا أَزيد عليها ولا أنقُص منها، فقال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: أفلحَ إنْ صَدَق )([2]).

فالوتر على هذا سنة مؤكدة وليس بواجب، والشاهد فيه أيضًا ما روي عن عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: “ليس الوترُ بحتمٍ كهيئةِ المكتوبةِ، ولكنَّه سَنَّها رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم –” ([3])، وروي عنه -رضي الله عنه- أيضًا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ الله وِتْر يحب الوتر؛ فأوتروا يا أهل القرآن)([4]).

والحاصل أن على الأخت في السؤال أن تصلي الفجر التي فاتتها كما تصلي سنتها، وإن أرادت أن تقضي ما فاتها من صلاة الوتر فلا بأس من ذلك إن شاء الله؛ لأن كل ما يفعله المسلم من تطوع يكتب له أجره.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] أخرجه أبوداود برقم(377).

[2] رواه البخاري (2678)، ومسلم (11).

[3] رواه الترمذي (453)، والنسائي (1676)، وابن ماجه (1169)، وأحمد (1/115) (927). حسنه الترمذي، وصحح إسناده البوصيري في ((إتحاف المهرة)) (2/386)، وأحمد شاكر في ((تحقيق المسند)) (2/113)، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)) (967).

[4]   رواه أحمد (1/144) (1224)، وأبو داود (1416)، والترمذي (453) واللفظ له، وابن ماجه (1169)، ، والحاكم (1/441). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه الترمذي وابن حجر في ((هداية الرواة)) (2/57)، وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (2/290): إسناده صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (453).