الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الشيطان عدو أبدي للعبد، يغالبه ويخادعه ويمنيه وَيَعِدُهُ، وهو يريد هلاكه ليكون من أصحاب السعير، ومن عداوة الشيطان أنه يزين للعبد ما يجعله يقع في المعاصي، ومن ذلك الوشم في الوجه واليدين والكتفين، فتظن المرأة المسترجلة مثلًا أن الوشم في الذراعين يعكس رجولتها المزعومة، وتعتقد الأخرى أن الوشم في وجهها يزيد من جمالها، والرجل يشوه جسمه بالوشم، ويظن أن ذلك دليل على قوته ورجولته، والأمثلة في هذا كثيرة، وقد أخبر الله -عز وجل- عما يريد الشيطان أن يفعله بالعبد، ومن ذلك تغيير خلقه بقوله: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) [النساء: ١١٩]، هذا هو ما يريده الشيطان. ثم بيّن -عز وجل- أن من يصدق الشيطان ويتخذه وليًا يخسر خسرانًا مبينًا، وأن ما يقوله تغرير بالعبد وإهلاكه: (وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا) [النساء: ١١٩].
هذا في عموم المسألة، أما سؤال الأخت عن الوشم، سواء كان في اليدين أو الوجه أو غير ذلك من أعضاء الجسم، فهذا الوشم محرم، وقد لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الواشمة التي تضع الوشم، والمستوشمة التي يوضع بها، في قوله -عليه لصلاة والسلام-: (لعنَ اللهُ الواشماتِ، والمسْتَوْشِماتِ، والنامِصاتِ، والْمُتَنَمِّصاتِ، والْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّراتِ خلْقَ اللهِ)([1]).
[1]– أخرجه البخاري (4886)، ومسلم (2125).