سؤال من الأخت هاجر من الجزائر، يقول: هل يجوز أن نصلي في الحافلة إذا خشينا فوات وقت الصلاة، وعدم الوصول إلى البيت؟

الصلاة في الحافلة خشية فوات وقت الصلاة

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

  فتجوز صلاة النافلة على السيارة إذا كان ذلك ممكنًا، والأصل في هذا قول الله- تعالى-: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) (البقرة:115)، ومن السنة ما رواه عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – كان يُصلِّي سُبحتَه حيثما توجَّهتْ به ناقتُه([1]).

هذا عن النوافل، أما الفرائض فالأصل فيه حديث ابن عمر أن رسول الله- عليه الصلاة والسلام -كان يُصلِّي في السفرِ على راحلتِه، حيث توجَّهتْ به، يُومِئ إيماءً صلاةَ اللَّيلِ، إلا الفرائض، ويُوتِر على راحلتِه، حيثُ توجَّهتْ به – أي في جِهة مَقصدِه – فإذا أراد الفريضةَ نزَلَ فاستقبلَ القِبلةَ”([2]).

وقد أجمع العلماء  على أن صلاة الفريضة على الراحلة لا تجوز إلا من عذر، والأصل فيه قول الله –تعالى-: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا)(البقرة:239)،وفي شرح صحيح البخاري أن العلماء قد أجمعوا على أنه لا يجوز أن يصلي أحد الفريضة على الدابة من غير عذر([3]).

وقال ابن عبد البر:” انعقد الإجماع على أنه لا يجوز أن يصلي أحد فريضة على الدابة في غير شدة الخوف”([4]).

وقال النووي: “وفيه دليلٌ على أنَّ المكتوبة لا تجوز إلى غير القبلة ولا على الدابة، وهذا مُجمَع عليه إلَّا في شدَّة الخوف”([5]).

قلت: والأمر مختلف بين الدابة والسيارة، فالدابة قد تتوجه إلى أي جهة، أما السيارة فقد تتوجه إلى القبلة، فيكون الراكب فيها متوجهًا إلى القبلة فيصلي الفريضة فيها، والحال كذلك في الطائرة والسفينة.

وقد وسع الله -عز وجل- الأمر على عباده فأباح لهم الجمع في السفر في صلاتهم الرباعية، فإذا كانت صلاتهم في المغرب والفجر فيصلوا فريضتهم في الحافلة أو الطائرة كما ذكر، إذا كان ذلك ممكنًا.

والله- تعالى- أعلم.

 

[1] رواه البخاري (1105)، ومسلم (700) واللفظ له، السُّبحة: صلاة التطوُّع والنافلة، وإنما خُصَّت النافلةُ بالسُّبحة، وإنْ شاركتْها الفريضةُ في معنى التسبيح؛ لأنَّ التسبيحاتِ في الفرائض نوافلُ، فقيل لصلاة النافلة: سبحة؛ لأنَّها نافلة كالتسبيحاتِ والأذكار في أنَّها غيرُ واجبة. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/331).

[2] رواه البخاري (400)، ومسلم (540).

[3] فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني ج2 ص 245.

[4] التمهيد ج 17 ص 74.

[5] شرح النووي على صحيح مسلم ج5ص211.