سؤال من الأخت هاجر من الجزائر، يقول: هل على غاسل الميت أن يكون متوضئًا قبل البدء بغسله؟

ما يجب على غاسل الميت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فغاسل الميت هو من يقوم بتغسيله وتكفينه وتجهيزه للصلاة عليه. وسؤال الأخت عما إذا كان على هذا أن يكون طاهرًا. في هذا قال بعض العلماء لا يشترط فيه الطهارة، لا فرق في ذلك بين أن يكون جنبًا أو تكون المرأة الغاسلة حائضًا، فذكر الإمام النووي أنه يجوز للحائض والجنب غسل الميت بلا كراهة([1])، ولكن الإمام مالك كره غسل الجنب([2])، كما كرهه قال بالكراهة للجنب غيره ابن سيرين والحسن وغيرهما([3]).

  وموجز القول: إن المراد من غسل الميت الذي أصبح في لقاء ربه أن يكون طاهرًا؛ لأن الله -عز وجل-يحب المتطهرين. وللغاسل خصوصية وهو يقوم بهذا الغسل، فهو مؤتمن والأصل فيه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( من غسَّل ميتًا فكتم عليه غفر اللهُ له أربعين مرةً)([4])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ( مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَأَدَّى فِيه الْأَمَانَةَ ولم يُفْشِ عَلَيْهِ ما يكونُ منه عندَ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ ذُنوبِهِ كيومَ ولدَتْهُ أُمُّهُ، قال لِيَلِهِ أقْرَبُكُمْ منه إن كان يعلَمُ فإِنْ لا يعلَمُ فمَنْ تَرَوْنَ عندَهُ حظًّا مِنْ وَرَعٍ وأمَانَةٍ )([5])، فإذا كان الأمر كذلك، أفلا يكون من القول بطهارة الغاسل قبل غسله، وإذا كان غسل الغاسل بعد الغسل سنة ووضوؤه كذلك، أفلا يمكن القول بطهارة الغاسل قبل غسل الميت؟إنه لا يتصور أن يقوم الجنب بغسل الميت؛ لأن الملائكة لا تدخل مكانًا فيه جنب. إن الغاسل مؤتمن على سر الميت ولا يجوز له إفشاء هذا السر؛ لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ)([6])، أفلا يمكن القول بأن هذا المؤتمن ينبغي أن يكون طاهرًا قبل قيامه بالغسل؟ لهذا فلعل الصواب هو وجوب طهارة غاسل الميت قبل غسله له، سواء كان ذلك مما يخرج من السبيلين أو من الجنابة والحيض، والله -تعالى- أعلم بالصواب.

 

[1] المجموع شرح المهذب ج 5ص 145.

[2] ((منح الجليل)) لعليش (1/494). ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 22)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/549).

[3] المغني ج2 ص162.

[4] صحيح الترغيب والترهيب للألباني(3492).

[5]  أخرجه أحمد (24910) واللفظ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3575)، وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (3/308).

[6] أخرجه الترمذي(1002).