سؤال من الأخت ن. ي. من الجزائر، تقول: أردت أن أسألكم عن حكم تسليم الزكاة بعد العيد، مع نية تحديد صاحبها قبل العيد بحكم البعد، وتعذر الالتقاء به؟

تبييت النية في إخراج زكاة الفطر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر سؤال الأخت عمن ينوي زكاة الفطر لشخص معين، ولكن تسليمها يتأخر إلى بعد العيد، بسبب البعد والوصول إليه (قبل العيد). والجواب: أن الأصل أن تخرج زكاة الفطر في آخر شهر رمضان، ولكن العلماء اختلفوا في تعيين الوقت وتحديده، فقالت طائفة تخرج بعد غروب شمس ليلة الفطر، وقالت طائفة تخرج بعد طلوع الفجر من يوم العيد، فمن أخرجها في أي من الوقتين فقد أصاب، ومع ذلك فجمهور الفقهاء على أنه يجوز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين، كما اتفقوا على أنه لا يجوز تأخيرها بعد العيد([1]).

هذا في العموم، أما عن سؤال الأخت، فالأصل أن تخرج الزكاة في مكان المزكي ما لم يكن هذا البلد مستغنيًا عنها، أو كان البلد الآخر أكثر حاجة. ويستنج من سؤال الأخت أن من نوت دفع الزكاة له سيكون حاضرًا بعد العيد؛ بسبب البعد بينها وبينه، فأرى -والله أعلم- أنه إذا كان البعيد أحوج من القريب فتدفع له الزكاة. أما كونها لا تصل إليه إلا بعد العيد، فهذا تحكمه النية، فهي الأصل في العمل؛ لقول رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)([2]).

فالحاصل: أنه إذا نوى المزكي إخراج زكاة الفطر قبل العيد وتعذر وصولها إلى المستحق قبل العيد، بسبب بعد المسافة بين المزكي والمستحق، فلا حرج في ذلك إن شاء الله -تعالى-.

والله – تعالى- أعلم.

 

[1] – ((منح الجليل)) لعليش (2/ 106)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/157)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي،((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/442)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة،((المجموع)) للنووي (6/126)، ((مغني المحتاج)) للشربيني،((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/310)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام. (2/297). (1/402). 3/89. (1/645).

[2] – أخرجه البخاري برقم (1).