الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
هذا ظاهر سؤال الأخت عن التعامل مع الشخص الذي لا يصلي إلا يوم الجمعة، وهذا فيه تفصيل . فالشخص المذكور إما أن يصلي الجمعة فقط ويترك الصلوات الخمس، إما عمدًا وإما تهاونًا، فإن كان يتركها جحودًا لوجوبها فهذا كفر؛ لأن الله فرض الصلاة على المسلم فرض عين في قوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)(النساء:103) أي مفروضًا في الأوقات، ولقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)([1])، ولا نظن في المذكور في السؤال إلا خيرًا لأن صلاته يوم الجمعة دليل على فهمه لدينه.
وإما أن يكون تركه للصلاة تهاونًا، فهذا أيضًا لا يجوز، فقد توعد الله الذين يتهاونون في الصلاة وتأخيرها عن وقتها بأشد العذاب، في قوله -جل في علاه-:(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)(الماعون:4-5) .
وإما أن يكون قصد الأخت في السؤال أنه لا يصلي في جماعة إلا يوم الجمعة، ولكنه يصلي الصلوات الخمس في المنزل، فهو بهذا يفقد فضل صلاة الجماعة، فلا خلاف بين أهل العلم من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم من السلف والخلف الصالح في جوب الصلاة في جماعة، ما لم يكن هناك عذر، فقد أمر الله بالركوع مع الراكعين في قوله -عز وجل-: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)(البقرة:43)، وهذا لا يكون إلا في جماعة .
أما السؤال عن كيفية التعامل مع المذكور، فيكون بالتذكير بأهمية الصلاة وعظمها، وما في أدائها من الأجر، وما في تركها من الإثم الكبير ،وأن يكون هذا بالموعظة والمجادلة الحسنة؛ لقول الله -عز وجل-: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(النحل:125)، وفي هذه الموعظة أجر كبير لصاحبها؛ لقول الله -عز ذكره -: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(فصلت:33) .
[1] – أخرجه الترمذي برقم : (2621).