سؤال من الأخت ن. ر. من الجزائر، تقول: ما أسهل طريقة لإخراج زكاة راتب المعلمات؟

زكاة رواتب المعلمات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فيكثر السؤال عن زكاة الموظفين، ومنهم المعلمون والمعلمات، كما يكثر السؤال كذلك عن زكاة المهنيين من الأطباء والمهندسين، وكذا زكاة الحرفيين، وكل الذين يتقاضون رواتب شهرية أو أسبوعية أو يومية.

والجواب أن ثمة رأيين مختلفين في حكم هذه المسألة: الرأي الأول: القول بوجوب زكاة المال بعد تملكه، وقال بهذا ابن عباس وابن مسعود ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم-([1]). وينبني على هذا أن الموظف والمهني والحرفي يزكي بمجرد استلام ما يحصل عليه من أجر، إذا كان يتوافر فيه النصاب.

الرأي الثاني: عدم وجوب الزكاة فيما ذكر إلا بعد مضي حول على تملك المال، وقال بهذا جمع من الصحابة والتابعين، ومنهم أبوبكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعائشة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز والنخعي وسالم وعطاء -رضوان الله عليهم أجمعين- كما قال به الأئمة أبو حنيفة ومالك وابن حزم -رحمهم الله-([2])، وينبني على هذا أن على الموظف ومن في حكمه، أن ينتظر تمام الحول على استلامه لراتبه أو أجره، متى ما بلغ نصابًا. ومن الحكمة الشرعية لكل من الرأيين نصيب فيما ذهب إليه، ففي إخراج الزكاة فور استلام الراتب أو الأجر نفع كبير للمزكي، حتى لا ينتظر تمام الحول، فينفق ما يستلمه، فما يأتي الحول إلا وقد أنفق راتبه أو أجره فيفوت عليه فضيلة دفع الزكاة، كما أن فيه نفعًا للفقراء أو المساكين حين يحصلون على مبالغ شهرية لتساعدهم على سد حاجاتهم وفقرهم، وفي إخراج الزكاة بعد مضي الحول تيسير للمزكي حين يحدد لنفسه وقتًا معينًا في السنة يؤدي فيه ما عليه من زكاة عن مال يتوافر لديه، فقد يخرجه شهريًّا أو أسبوعيًّا او ينتظر فيه نماء الحول، فهؤلاء الصحابة اجتهدوا في هذا الأمر، فيمكن للمعلمات محل السؤال -ومن في حكمهم- إخراج زكاة رواتبهم وأجورهم حسب الطريقة الأسهل لهم.

فالحاصل: أن للمعلمات أن يخرجن زكاة رواتبهن إما كل شهر وإما بعد مضي حول على ما لديهن من مال متوافر من رواتبهن، فكلا الطريقين مشروع إن شاء الله.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] -((المغني)) (2/464).

[2] – ((التمهيد لابن عبد البر)) (20/155) و((بداية المجتهد)) (1/270 و((المحلى)) (4/76).