سؤال من الأخت” ن.ة” من الجزائر تقول: عندي مشكلة في الركبة والظهر ولا أستطيع القيام ولا الجلوس على الكرسي هل يجوز لي أن أصلي جالسة على الأرض؟

من لا يستطيع القيام في الصلاة ولا الجلوس على الكرسي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فقد يسر الله عزوجل طاعته لعباده فلم يكلفهم ما لا يستطيعه فقال جل في علاه: ” لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”(البقرة:286)وقال عز ذكره: ” فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ”(التغابن:16)وقال تقدس اسمه: ” وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ”(النور:61).

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخت فإن استطاعت أن تقوم  للصلاة فتقوم وإن لم تستطع فتجلس على الكرسي فإن لم تستطع فتصلي على الجنب فإن لم تستطع فتصلي قاعدة فإن لم تستطع فعلى  الجنب الأيمن فإن لم تستطع فعلى الجنب الأيسر فإن لم تستطع فتؤمي إيماء([1]) والأصل في هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين رضي الله فيما رواه عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ([2]) وعن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: “صلِّ على الأرضِ إن استطعتَ، وإلَّا فأَوْمِ إيماءً، واجعَلْ سجودَك أخفَضَ مِن ركوعِكَ”([3]) وعن نافعٍ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ كان يقولُ: “إذا لم يستطِعِ المريضُ السُّجودَ أومَأَ برأسِه إيماءً، ولم يرفَعْ إلى جَبهتِه شيئًا”([4]).

ونقَل الإجماعَ على سقوطِ الرُّكوعِ والسُّجودِ على مَن لم يستطِعْهما: ابنُ رُشدٍ([5])، وشيخ الإسلام بنُ تيميَّةَ([6]).

فالأمر ولله الحمد يسر والمريض في سعة من أمره فيصلي حسب قدرته واستطاعته.

والله تعالى أعلم.

 

[1] قال ابن الأثير: (الإيماء: الإشارةُ بالأعضاءِ؛ كالرأس، واليد، والعين، والحاجب، وإنَّما يريد به هاهنا الرأسُ). ((النهاية)) (1/81).

[2] أخرجه البخاري (1117).

[3] رواه أبو نُعيم في ((حلية الأولياء)) (7/98)، البيهقي (2/306) (3819) صحَّح وقْفَه أبو حاتم الرازيُّ كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (126)، وقال ابن القيِّم في ((بدائع الفوائد)) (3/197): الظاهر أنَّ الحديث موقوف. وقوَّى إسنادَه ابنُ حجر في ((بلوغ المرام)) (97) وقال: ولكن صحَّح أبو حاتم وقْفَه.

[4] رواه مالك في ((الموطأ)) (2/234) (581)، والبيهقي (2/306) (3821). قال الضياء المقدسي في ((السنن والأحكام)) (1/418): رواه بعضهم فرفعه، وفيه ضعف، وصححه النَّووي في ((الخلاصة)) (1/340)، وقال ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) (3/198): الصواب وقفُه.

[5] قال ابنُ رشد: (أجمع العلماء على أن المريض مخاطَبٌ بأداءِ الصلاة، وأنَّه يسقط عنه فرضُ القيام إذا لم يستطعه، ويصلي جالسًا، وكذلك يسقط عنه فرضُ الركوعِ والسجود إذا لم يستَطِعْهما أو أحدَهما، ويومئُ مكانَهما). ((بداية المجتهد)) (1/178).

[6] قال ابنُ تَيميَّة: (وقد اتَّفق المسلمون على أنَّ المصليَ إذا عجز عن بعض واجباتها- كالقيام، أو القراءة، أو الركوع، أو السجود، أو ستر العورة، أو استقبال القبلة، أو غير ذلك- سقط عنه ما عجز عنه) ((مجموع الفتاوى)) (8/438).