سؤال من الأخت ن..ة من الجزائر، يقول: هنا من يصلي اثنتـي عشرة ركعة في ليلة الجمعة الأولى من شهر رجب باسم صلاة الرغائب، ويعتقدون بأن دعاء المسلم يقبل عقب هذه الصلاة، فما قول فضيلتكم في مشروعية هذه الصلاة؟

مشروعية صلاة الرغائب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علـى رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالجواب عن السؤال من وجهين : الأول أنه لم يأت نص من الكتاب أو السنة بمشروعية هذه الصلاة،  كما أنه لم يأت نص عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  وتابعيهم،  ولا عن اجتهاد من العلماء الربانيين  المعتبرين  .

 الوجه الثاني : أن الأحاديث  التي وردت في هذه الصلاة  لم تثبت صحتها، بل هي موضوعة،  فتكون عندئذ من البدع المحرمة، والأصل في هذا من الكتاب قول الله -عز وجل- : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَـرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَـرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النحل:116-117) .

  أما في السنة، فقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)([1]). وقوله -عليه الصلاة و السلام-: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار )([2]). وقوله  : (وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة)([3]).

  وأكثـر ما يقال عن هذه الصلاة أنها مستحدثة،  إما باجتهاد خاطئ وإما باستدلال فاسد، والحذر كل الحذر من الإدخال في الدين ما ليس منه، فما كان الله لينسـخ الكتب السابقة إلا بعد أن أُدخل فيها ما ليس منها، وما أُلحق بها زيادة ونقصًا.

   ولهذا كان تحذير العلماء بأن هذه الصلاة من البدع التـي أدخلت على دين الله،  ومن هؤلاء العلماء الإمام النووي ([4]) وابن حجر الهيتمي ([5])وابن تيمية ([6]) ونورالدين المقدسي ([7]) وابن الحاج المالكي([8]). وغيـرهم من الأئمة، وقد ذكر هؤلاء أن هذه الصلاة من البدع الضالة .

  هذا في عموم المسألة، أماعن سؤال الأخت فالمفروض أن التعبد لا يكون إلا بما شرعه الله، فدين الإسلام بيّن كل البيان وواضـح كل الوضوح، وفي هذا قال  -عز وجل-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتـِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ)(المائدة:3)، وقال -تقدس اسمه- : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ)(النحل:89). وقال -عز ذكره- : (مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ )(الأنعام:38). وقال نبـي الله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- : (قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)([9]). وقال -عليه الصلاة والسلام- : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة)([10]).

 لهذا فإن هذه الصلاة من المستحدثات والبدع، التـي لم يأت بها نص صريح من الكتاب أو السنة أو الإجماع، وإن واجب المسلم ألا يتعبد إلا  بما شرعه الله في كتابه، وسنة رسوله -محمد صلى الله عليه وسلم-.

  ونرجو الله -عز وجل- أن يجعل أمتنا من المهتدين، المتبعين لما جاءهم في كتاب ربهم، وسنة نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم- .

                           والله -تعالى- أعلم . 

[1] – أخرجه البخاري برقم : (2697).

[2] – أخرجه البخاري برقم (107).

[3] –  أخرجه ابن ماجه برقم (42).

[4] – انظر: المجموع شرح المهذب  (3/548)

[5] -الفتاوى الفقهية الكبرى (1/216).

[6] -الفتاوى الكبرى” (2/239).

[7] – انظر : ردع الراغب عن صلاة الرغائب

[8] -المدخل  (1/294).

[9] – أخرجه الإمام مسند برقم : (17142).

[10] – أخرجه ابن ماجه برقم (42).