الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا السؤال من الأهمية بمكان؛ نظرًا لتغير حال المرأة في هذا الزمان، حيث أصبحت تعمل طيلة النهار، مما يصعب عليها التوفيق بين عملها وبين خدمة زوجها، ولكن المهم في المسألة الجانب الشرعي، وهو ما إذا كان يجب على الزوجة خدمة زوجها، فالأصل وجوب حسن المعاشرة بينهما، فقد أمر الله الزوجين بحسن المعاشرة بينهما في قوله -عز ذكره-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء:19)، ومعاشرة الزوج لزوجته تقتضي مساعدتها في كل ما تحتاجه، من طعام وكساء وعلاج لها وأولادها، وكذا ملاطفتها ومنحها حقوقها الزوجية المعلومة والمعروفة لدى مثيلاتها.
وكما تجب هذه المعاشرة على الزوج تجب على الزوجة، ومن هذه المعاشرة خدمته في طعامه ولباسه، وملاطفته ومساعدته حال مرضه وحال كبره، واستئذانه في خروجها من بيته، هذا هو حال زوجات صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحال زوجات السلف، ولا ينازع في ذلك أحد منهن، اقتداء بزوجات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صنع طعامه ولباسه وغير ذلك من الواجبات الشرعية.
نعم: الواجب على الزوجة خدمة زوجها بما توجبه المعاشرة بالمعروف، ولكن قد يحدث التنازع في كيفية هذه المعاشرة، فقد تطالب الزوجة زوجها بتوفير خادمة لها تساعدها في القيام بواجبها نحوه، وهذا له ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: إن كانت قد اشترطت عليه هذه الخدمة في أثناء عقد الزواج فالواجب عليه الوفاء بهذا الشرط.
الوجه الثاني: إن كان الزوج يستطيع توفير هذه الخدمة وهي بالفعل محتاجة لها، أو كانت هذه الخدمة تتوافر لمثيلاتها فالواجب توفيرها لها؛ لقول الله -عز وجل-: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ) (الطلاق:7).
الوجه الثالث: إن كان لا يستطيع توفير هذه الخدمة؛ لعدم قدرته فلا تجب عليه؛ لقول الله: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) (الطلاق:7).
فالحاصل: أن على الزوجة خدمة زوجها في أموره الخاصة، من طعام ولباس وملاطفة في حال مرضه وكبره، ونحو ذلك مما توجبه الأعراف والعادات، فإن تنازعا في توفير الخادمة ومدى وجوبها على الزوج، فإن كان هذا قد قبل مما اشترطته عليه لزمه الشرط، وإن كان غنيًّا ومثيلاتها يُخدمن وجبت عليه، وأما إن كان ممن قدر عليه رزقه، ولا يستطيع توفيرها لم يلزمه شيء.
والله – تعالى- أعلم.