سؤال من الأخت ناهدة من لندن، تقول فيه: ما حكم تطعيم الأطفال من لقاحات مشتقة من جيلاتين الخنزير؟.

حكم تطعيم الأطفال من لقاحات مشتقة من جيلاتين الخنزير

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل في تحريم  الخنزير قول الله-تعالى-: ﴿قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ (الأنعام: ١٤٥) والرجس: النجاسة، وقوله-عز وجل-: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّـهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (البقرة: ١٧٣)، فدل هذا على تحريم لحم الخنزير، وما حرم لحمه يحرم بوله ورَوَثُهُ ومشتقاته؛ لأن نجاسته لا تنحصر في جزء من أجزائه، بل تشمل كل مكوناته، وقد أجاز الأحناف استعمال شعره للخرَّازِينَ بحسبه من الضرورة([1])، وقال المالكية بجواز شعره إذا قُصَّ بمقص([2]).

فإذا كان الجيلاتين مشتقًّا من لحم الخنزير، أو شحمه، أو من أي جزء من أجزائه، فلا يجوز استعماله للقاح الأطفال إلا في حالة واحدة، هي حالة (الضرورة)، بمعنى أنه لا بد من هذا اللقاح لحفظ نفس الطفل، وأنه-أيضًا-لا بديل لهذا الحفظ من اللقاحات الأخرى.

أما إذا لم يكن له ضرورة لحفظ النفس، أو يوجد له بديل، فلا يجوز استعماله؛ لأنه متولد من شيء محرم لنجاسته، وهو الخنزير. والله -تعالى- أعلم.

[1] الهداية شرح البداية للمرغيناني 3/46.

[2] – البيان والتحصيل لابن رشد القرطبي 8/46-17.