سؤال من الأخت م.ي. تقول: السلام عليكم أستاذنا الكريم، أردت أن أسأل عن حكم الحيض المتقطع، مثلًا في يوم يوجد وفي اليوم التالي ينقطع. جزاكم الله خيرًا.

حكم الحيض المتقطع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

  فظاهر سؤال الأخت أن حيضها يتقطع، فيكون في وقت ولا يكون في الوقت الذي بعده، بمعنى أن حيضها غير مستمر على عادة  .

والجواب : أنه إذا كان هذا الدم خلاف الحيض المعتاد فهذا استحاضة، وأحكام هذه كما يلي :

أولًا : أن يستمر الدم ولم يكن لها من قبل أيام معروفة؛ إما لأنها نسيت عادتها، أو بلغت مستحاضة ولا تستطيع معرفة دم الحيض، وفي هذه الحالة يكون حيضها مثل عادة النساء، والشاهد في هذا حديث حمنة بنت جحش -رضي الله عنها- قالت : كنتُ أُستحاضُ حيضةً كثيرةً شديدةً، فأتيتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أستفتيهِ وأخبرُهُ فوجدتُهُ في بيتِ أُختي زينبَ بنتِ جَحشٍ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي امرأةٌ أستَحاضُ حيضةً كثيرةً شديدةً، فما ترى فيها قد منعَتني الصَّلاةَ والصَّومَ؟ فقالَ: أنعتُ لَكِ الكُرسفَ فإنَّهُ يذهبُ الدَّمَ، قالت: هوَ أكْثرُ من ذلِكَ، قالَ: فاتَّخذي ثوبًا، فقالَت: هوَ أكْثرُ من ذلِكَ، إنَّما أثجُّ ثجًّا، قالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- سآمرُكِ بأمرَينِ أيَّهُما فعلتِ أجزأ عنكِ منَ الآخرِ، وإن قويتِ عليهما فأنتِ أعلمُ، قالَ لَها: إنَّما هذهِ رَكْضةٌ من رَكَضاتِ الشَّيطانِ، فتحيَّضي ستَّةَ أيَّامٍ أو سبعةَ أيَّامٍ في علمِ اللَّهِ، ثمَّ اغتسِلي حتَّى إذا رأيتِ أنَّكِ قد طَهُرتِ واستنقَأتِ فصلِّي ثلاثًا وعشرينَ ليلةً أو أربعًا وعشرينَ ليلةً وأيَّامَها، وصومي فإنَّ ذلِكَ يجزيكِ، وَكَذلِكَ فافعَلي في كلِّ شهرٍ كما تحيضُ النِّساءُ وَكَما يطهرنَ ميقات حيضِهِنَّ وطُهْرِهِنَّ، وإن قويتِ علَى أن تؤخِّري الظُّهرَ وتعجِّلي العصرَ فتغتَسلينَ وتجمعينَ بينَ الصَّلاتينِ الظُّهرِ والعصرِ وتؤخِّرينَ المغربَ وتعجِّلينَ العشاءَ ثمَّ تغتسِلينَ وتجمعينَ بينَ الصَّلاتينِ فافعلي، وتغتَسلينَ معَ الفجرِ فافعَلي وصومي إن قدَرتِ علَى ذلِكَ قالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وَهَذا أعجَبُ الأمرينِ إليَّ([1]).

ثانيًا : أن تكون مدة الحيض معلومة لها قبل الاستحاضة، وهنا تعد هذه المدة المعلومة هي مدة الحيض والباقي استحاضة، والأصل فيه حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أنها استفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في امرأةً كانت تُهرَاقُ الدمَ على عهدِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم- فقال: لتنظرْ عددَ الليالي والأيامِ التي كانت تحيضُهنَّ من الشهرِ قبلَ أن يصيبَها الذي أصابها، فلتتركِ الصلاةَ قدرَ ذلك من الشهرِ، فإذا خلَّفَت ذلك فلتغتسلْ ثم لتستثفِرْ بثوبٍ ثم لتصلِّي ([2]).

ثالثًا : ألا تكون لها عادة، ولكنها تستطيع تمييز الحيض عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتمييز؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها-  أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حبيشٍ كانت تستحاضُ، فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ-: إنَّ دمَ الحيضِ دمٌ أسودُ يعرَفُ، فإذا كانَ ذلِكَ فأمسِكي عنِ الصَّلاةِ، فإذا كانَ الآخرُ فتوضَّئي وصلِّي([3]).

وخلاصة الأمر في الاستحاضة : أنه لا يلزم الغسل للصلاة إلا مرة واحدة، حينما ينقطع الحيض عنها وعليها الوضوء لكل صلاة؛  لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ)([4]) ولا يجب الوضوء إلا لحدث آخر، وعليها غسل فرجها قبل الوضوء، و…. بما يمنع النجاسة ( كالقطن) لحال إن استمر الدم وشدت على فرجها، وتلجم(أي :تشده بشيء ) وتستثفِرْ، وهذا هو الأولى، ويجب عليها ألا تتوضأ قبل دخول وقت الفريضة عند جمهور العلماء؛ لأن طهارتها ضرورية فليس لها تقديمها قبل وقت الحاجة، ويجوز لزوجها أن يطأها في حال جريان الدم، وقال بهذا أهل العلم؛  لأنه لم يرد دليل على تحريم ذلك؛ لأنها في حكم الطاهرات، وتصلي وتصوم  وتقرأ القرآن وتفعل كل العبادات كما تفعل الطاهرات  .

 

[1] – صحيح سنن أبي داود للألباني برقم : (287).

[2] – أخرجه أبو داود برقم (274).

[3] – صحيح سنن النسائي برقم (361).

[4] – أخرجه البخاري برقم : (228).