الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر السؤال أن الأب أعطى لكل واحد من أولاده الذكور قطعة أرض لبناء بيت له، ولم يعط بناته شيئا بحجة أنهن متزوجات لسن بحاجة.

والجواب: أن هذا لا يجوز بل هو محرم فالمفاضلة بين الأولاد محرمة، وقد أكد هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قصة النعمان بن بشير -رضي الله عنه- بقوله: “أَعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فأتَى رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ”^([1]).

أما قول الأب بأن بناته لسن محتاجات، فهذا قول خاطئ بل محرم، فالبنات يجب أن يعطين حقوقهن الشرعية مثل الذكور، سواء في حياة والدهن أو بعد وفاته، حسب القسمة الشرعية؛ لأن حق البنات في مساواتهن بإخوانهن مؤكد، سواء كن متزوجات أو غير متزوجات، بمعنى أن زواجهن لا علاقة له بحق فرضه الله، والأصل فيه قوله تقدس اسمه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) (الأحزاب:36).

فالحاصل: أنه لا يحرم على الأب حرمان بناته من مساواتهن في العطية مع إخوانهن الذكور.

والله تعالى أعلم.

[1] – أخرجه البخاري (2587) و مسلم برقم : (1623).