الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،
فظاهر السؤال عن العلاقة غير المشروعة بين زوج البنت وأمها.
والجواب: أن هذه علاقة محرمة زنى والعياذ بالله، والواجب على زوج البنت أن يتقي الله ويستغفره من ذنبه، ويتوب إليه توبة نصوحا بشروطها الثلاثة وهي:
أولها: الإقلاع عن ارتكاب الذنب.
والشرط الثاني: الندم على فعله.
والشرط الثالث: العزم على عدم العودة إلى فعله.
وقد حرم الله على عباده ما يتصل بالقربى وما يتصل بالنسب، أما القربى فقال عز وجل: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) (النساء:23) وأما ما يتعلق بالنسب فقال عز وجل: “وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ“(النساء:23).
وأما الجواب: على السؤال وما إذا كانت الزوجة تطلق فقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية([1]) والحنابلة([2]) إلى أنه تحرم عليه زوجته بسبب زناه بأمها، وجعلوا هذا الوطء المحرَّم كالوطء الحلال في تحريم المصاهرة، فإن الرجل لو نكح امرأة ودخل بها حرمت عليه بنتها إجماعا؛ لقوله تعالى في المحرَّمات من النساء: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) (النساء/23)، وبهذا قال: عمران بن حصين -رضي الله عنه-، والحسن وعطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والنخعي والثوري وإسحاق -رحمهم الله-([3]).
القول الثاني: ذهب المالكية([4])، والشافعية([5]): إلى أنه لا تحرم عليه زوجته بسبب وطئه لأمها بالزنا؛ لأن الحرام لا يحرِّم الحلال، وبهذا قال: ابن عباس -رضي الله عنهما- وسعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وعروة والزهري وأبو ثور([6]).
قلت: ولعل ما ذهب إليه الحنيفة والحنابلة أقرب للصواب من أن البنت تطلق في هذه الحالة إذ لا يتصور أن ترى البنت أمها في علاقة زنى مع زوجها، فالأصح أن تطلق من زوجها، فذلك هو الأسلم؛ لأن الحرام يحجب الحلال ولا يجب أن يكون الحرام وسيلة إلى الحلال فعلى هذا أرى أن تطلق الزوجة من زوجها كما هو القول الأول.
والله تعالى أعلم.
[1] – الحجة على أهل المدنية لمحمد بن الحسن الشيباني (3/375) والمبسوط للسرخسي (4/204).
[2] – المغنى لابن قدامة (7/90) والشرح الكبير (20/287).
[3] – المغنى لابن قدامة (7/90).
[4] – الكافي في فقه أهل المدينة( 2/543) والبيان والتحصيل (5/133).
[5] – الام للشافعي (5/164). والحاوي الكبير(9/214).
[6] – المغنى لابن قدامة (7/90).