الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فمن حيث العموم، يجب على الزوجة طاعة زوجها، كعدم خروجها إلى السوق إلا بإذنه، أو عدم زيارتها لمن لا يرغب في زيارتهم، أو عدم قيامها بالاتصال بمن لا يرغب في الاتصال بهم، ونحو ذلك من الأفعال أو العلاقات التي يرى الزوج أنها في غير مصلحتها ومصلحته، والأصل في حق الزوج على زوجته القوامة؛ لقول الله -عز وجل-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (النساء:34)، والأصل فيه أيضًا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق)([1])، وفي هذا تعظيم لحق الزوج على زوجته؛ حفظًا للانضباط في السلوك، ورعاية المنزل والأسرة.
هذا في العموم، أما الجواب عن سؤال الأخت، فليس للزوج الحق في منع زوجته من زيارة أهلها؛ فزيارة الولد لوالديه حق فرضه الله على الولد فرض عين، بل جعل هذا الحق مقترنًا بحقه -عز وجل-في وحدانيته، بقوله -جل في علاه-: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) (الإسراء:23)، فمع أن للزوج حقًّا على زوجته، إلا أن للزوجة حقًّا عليه في الإذن لها بزيارة أهلها، فحق الزوج يسقط أمام حق الزوجة في البر، ومنعها من هذا البر معصية، وليس للعبد طاعة في معصية الله؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف)([2]).
والحاصل أن للزوجة استئذان زوجها في زيارة أهلها، فإن أذن لها فذلك خير، وإن منعها فلا تطيعه؛ لأن طاعته في منعها من زيارة أهلها معصية، ولا يطاع أحد في معصية الله.
والله -تعالى-أعلم
[1] – أخرجه أبوداود برقم (1240)، صححه السيوطي في الجامع الصغير، (٧٤٦٤).
[2] – أخرجه البخاري برقم (7257.