الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالزكاة حق للفقراء حكم به الله، وقضاء قضى به في كتابه العزيز بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}، [التوبة: ٦٠]، وأساس الاستحقاق حاجة الفقير؛ لحفظ نفسه من الجوع والعطش والعري والعلاج من المرض، مما يدخل تحت هذه الحاجة من ضرورة حفظ النفس من المرض، وهو ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (فتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ)([1])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً)([2])، فكما يعاني الجائع من أثر الجوع وخطره يعاني المريض من آثار المرض وخطره؛ فاقتضى هذا استحقاق المريض للزكاة إذا لم يكن يستطيع العلاج من مرضه، وهذا الاستحقاق يشمل كل ما يتطلبه هذا العلاج من تكاليف، وهذا الاستحقاق للزكاة يترتب في الحالات التي لا يوجد فيها وسيلة أخرى للعلاج في المستشفيات العامة، ففي هذه الأحوال تنتفي الحاجة للزكاة.
فالحاصل: أنه يجوز صرف الزكاة للمريض الذي لا يستطيع علاج مرضه بحسبه فقيرًا ممن عناهم الله -تعالى- بالاستحقاق للزكاة.
والله – تعالى- أعلم.
[1]– رواه ابو داود (3874)، قال الشيخ الألباني- رحمه الله تعالى-: “الحديث صحيح – من حيث معناه – لشواهده” انتهى. من “التعليقات الرضية على الروضة الندية” (3/154).
[2]– رواه البخاري (5678).