الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن بعض الأزواج -هداهم الله- ينسون ما أمرهم الله به من معاشرة زوجاتهم بالمعروف؛ عملًا بقوله -عز وجل-:( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)(النساء:19). وخلاف هذه المعاشرة يطلب الزوج من زوجته ما لا تستطيعه، ويضيق عليها في كل أمر لا تقدر عليه، ويحملها كل مشكلته ولو كان هو السبب فيها، وبحكم ولايته عليها يفعل ما يسيء إلى العشرة، فتتحول العلاقة بينهما إلى خصام وشجار ينعكس على ولدهم وحياتهم، وهذا ما أشارت إليه الأخت السائلة، وقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بالنساء وهو في حجة الوداع فقال وهو يودع أمته:(ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم)([1]). وقال -عليه الصلاة والسلام-وهو يحدد مسؤولية المسلم:(كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته)([2]). ويفترض في الراعي أن يكون أمينًا على من يرعاه، والأمانة الواجبة على الزوج تجاه زوجته تقتضي معاشرتها بالمعروف كما ذكر، والتلطف بها وعدم إيذائها، فإذا كان الزوج لا يقدر على ذلك لأي سبب فقد أباح الله له الطلاق، وأباح لها كذلك أن تطلب منه الطلاق؛ لقول الله -عز وجل-: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)(النساء:130).
فحاصل ما ذكر أنه يجب على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف، ولا يجوز له إيذاؤها أو التنقص منها، فهي أمانة عنده، فإن لم يستطع فليطلقها، وإن لم يفعل فلها الحق أن تطلب منه الطلاق. والله -عز وجل-يتولى الصالحين من عباده.
[1] – أخرجه الترمذي برقم (1163).
[2] – أخرجه البخاري برقم (893).