سؤال من الأخت م. ت. من الجزائر، تقول فيه: ما فرض الكفاية وفرض العين؟، وما الفرق بينهما؟.

ما الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

ففرض الكفاية يجب على كل المكلفين، ولكنه يسقط عنهم إذا قام به بعضهم، ومن هذا الفرض على سبيل المثال: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والأصل فيه قول الله-تعالى-: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 104)، فالأمر بالمعروف فرض كفاية، فإذا لم تقم  الأمة به، أو لم يقم به بعضها أصبحت آثمة.

ومن فروض الكفاية: الصلاة على الجنائز؛ فالمسلم إذا مات وجبت الصلاة عليه، والأصل فيه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «من تبع الجنازة حتى يُصَلَّى عليها، ويُفْرَغَ من دفنها، فإنه يرجع بقيراطين، كل قيراط مثل أحد»([1])، وفي حديث مسلم عن خباب-رضي الله عنه-قال: “كان عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-يُصلي على الجنازة، ثم ينصرف، فجاءه رجلٌ، فقال: يا عبدَ الله بنَ عُمَرَ؛ ألا تسمَع ما يقول أبو هريرة؟، إنَّهُ سمع رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يقول: «مَن خرَج مع جنازةٍ من بيتها، وصلَّى عليها، ثم تَبِعَها حتى تُدفنَ، كان لهُ قيراطانِ من أَجْرِ، كل قيراطٍ مثلُ أُحدٍ، ومن صلَّى عليها ثم رجَع، كان له مِن الأجرِ مثلُ أحدٍ».

فأرسل ابنُ عمرَ خبَّابًا إلى عائشةَ يسألها عن قولِ أبي هريرةَ، ثم يرجعُ إليهِ، فيُخبرُه ما قالت، وأخذ ابنُ عمرَ قبضةً مِن حَصباءِ المسجدِ يقلِّبها في يدِه، حتى رجع إليهِ الرسولُ، فقال: قالت عائشةُ: “صدَق أبو هريرةَ”، فضرَب ابنُ عمرَ بالحصى الذي كان في يدِه الأرضَ، ثم قال: “لقد فرَّطنا في قراريطَ كثيرةٍ”([2]).

فهذا الفرض يسقط عن العامة بقيام بعضهم به، أي: الصلاة على الميت.

ومن فروض الكفاية-أيضًا-: صلاة العيدين، فهي من السنن الكبرى، وقد أمر بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم-الرجال والنساء والصبيان، والأصل فيها حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: “أُمِرْنَا أنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَومَ العِيدَيْنِ، وذَوَاتِ الخُدُورِ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ ودَعْوَتَهُمْ، ويَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عن مُصَلَّاهُنَّ”([3])، فبهذا تعد صلاة العيدين من فروض الكفاية، فيجب أن يقوم بها الكل، ولكنها تسقط عنهم  إذا قام بها بعضهم.

وأما فرض العين فيجب على المسلم عينًا، ولا ينفك أو يسقط عنه إلا بالقيام به، ومن ذلك: شهادة أنْ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله. ومن ذلك-أيضًا-: الطهارة للصلاة، وأداء الأمانة، والوفاء بالعقود، وغير ذلك مما فرض على المسلم بعينه، فهذه مما يتعلق بالإنسان عينًا، فلا يسقط إلا بأدائه منه بعينه.

هذه خلاصة عن الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين، جوابًا للأخت السائلة، والله – تعالى- أعلم.

[1] أخرجه البخاري (1325)، ومسلم (945)

[2] صحيح مسلم (945).

[3] أخرجه البخاري (351)، ومسلم (890) باختلاف يسير.