الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،

فالأصل أن القلب محل النية وليس محلها اللسان بل إن التلفظ بها يعد من البدع ذلكم أن القلب معقد تصرفات العبد، فلهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه: “..ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ”^([1]).

فمن يجعل اللسان محل القلب يقول مثلا: اللهم إني نويت كذا والله عز وجل -وهو العليم بما كان وما سيكون لو كان كيف يكون -يعلم السر والنجوى كما قال جل في علاه: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]. وقال عز ذكره: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16].

فاقتضى هذا أن العبد لا يحتاج إلى أن يجهر بما ينوي بل يعقده في قلبه والله عز وجل يعلم ما ينويه عبده ويفعله عباده، لهذا لا يجوز التلفظ بالنية؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يؤثر عنه أنه كان يتلفظ بها كما أن صحابته لم يكونوا يتلفظون بها.

والله تعالى أعلم.

[1] -أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).