سؤال من الأخت” م.ة ” من الجزائر تقول: هل مسؤوليه رعاية الأم المريضة تقع على بنتها العزباء فقط لأن بناتها المتزوجات لا يخدمن والدتهن بحجة مسئوليات الأطفال والأزواج وبعد المسافة؟

رعاية الأم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،

فإن من أحكام الله وجوب رعاية الوالدين وإكراهما والقيام ببرهما واللطف بهما، هذا هو  قضاءه الذي لا يتبدل ولا يتغير  كما قال جل في علاه:” وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا “(الإسراء:23-24) هذا هو القضاء فمن تجاوزه فقد إثم إثما عظيما هذا هو الحكم في كتاب الله فمن تجاوزه فقد عق والديه وإثم العقوق كبير، أما في سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لعن اللهُ من عقَّ والدَيهِ “([1]) وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : ” مَلْعُونٌ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ “([2])، وفي حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ” أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ”([3])،قال رجلٌ لعبدالله بن عمر رضي الله عنه: “حملت أُمِّي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها المناسك، أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا طلقة من طلقاتها”([4]).

هذا هو الحكم في كتاب الله وفي سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما عليه الإجماع فقد أجمعت الأمة في سلفها وخلفها على وجوب رعاية الوالدين.

هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا يجوز لبنات الأم الاعتذار عن برها فمع أن رعاية أزواجهن وأطفالهن واجب عليهن ألا أن حق أمهن عليهن أكثر وجوبا فإذا تخلين عن هذا الواجب ارتكبن إثما كبيرا بسبب عقوقهن، أما إذا قامت إحداهن  برعاية أمهن نالت الأجر والثواب سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة.

والله تعالى أعلم.

[1] مسند علي بن أبي طالب لابن جرير الطبري (170) وقال الألباني: صحيح له شاهد السلسلة الصحيحة برقم(3462).

[2]  صحيح الترغيب  للألباني (2420) .

[3] رواه البخاري(6273).

[4] بر الوالدين لابن الجوزي ص 95.