الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق وهو الجار المسلم ذو الرحم، فله حق الإسلام، وحق الجوار، وحق القرابة.
وجار له حقان وهو الجار المسلم، أو القريب وليس مسلمًا، فله حق الإسلام وحق الجوار، أو حق الجوار والقرابة إن كان غير مسلم.
وجار له حق واحد وهو الجار الكافر، فله حق الجوار فقط([1]).
فكل منهم له حق الجوار، فبعد أن بيّن الله لعباده حقه في العبادة وحده، وعدم الشرك به، بيّن حق الجوار في قوله -جل في علاه-: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: 36]. كما أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حق الجوار في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنه سيورِّثُه))([2]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فالأصل أن يكون طعام المسلم وشرابه ولباسه طيبًا؛ لقول الله -عز وجل-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: 172]، وقوله -تعالى-: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، والمراد بأكل الطيب أن يكون طاهرًا، خاليًا من المحاذير الشرعية، كالرقص أو الغناء عليه، أو عدم التسمية عليه، أو يكون المراد منه التقرب إلى نبي أو ولي أو نحو ذلك من المحاذير الشرعية، فهذا لا يجوز أكله، سواء كان من جار قريب أو جار بعيد؛ لأن هذه المحاذير لا تجعله طيبًا كما أمر الله به.
والله -تعالى- أعلم.
([1]) انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز، (6/285).
([2]) أخرجه البخاري، كتاب: الأدب، باب: الوصاة بالجار، برقم: (6015)، (8/10)، ومسلم، كتاب: البر والصلة والآداب، برقم: (2625)، (8/37).