الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالرقص في عمومه مما ألفه الإنسان، ويتسلى به في فرحه ومناسباته، وقد كانت فتيات الأحباش يلعبن ويرقصن في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو وزوجته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- يشاهدانهن، فلم ير -عليه الصلاة والسلام- بأسًا في ذلك، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ في يَومِ عِيدٍ في المَسْجِدِ، فَدَعَانِي النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَوَضَعْتُ رَأْسِي علَى مَنْكِبِهِ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إلى لَعِبِهِمْ، حتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتي أَنْصَرِفُ عَنِ النَّظَرِ إليهِم([1])، والرقص بين النساء جائز في الأعراس و في المناسبات، ولا حرج فيه إذا كانت النساء لا يختلطن بالرجال، فإذا صاحب هذا اختلاط أصبح محرمًا؛ لأنه يفضي إلى الفتنة، وفتنة النساء من أشد الفتن؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: “اتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ”([2]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت حول إكراه زوجها لها على الرقص له-مع كرهها لهذا الرقص- فلا يجوز للزوج هذا الإكراه؛ فليس الرقص من واجبات الزوجة، فهذه الواجبات معلومة إما من العقد أو العرف أو ما تحكمه العلاقة، فإذا طلب الزوج من زوجته الرقص له واستجابت لذلك فلا حرج عليها، على أن يكون هذا الرقص بينهما، أما إذا كرهت ذلك فليس هناك ما يجبرها على فعله. فمن حق الزوج أن يطلب من زوجته معاشرته بالمعروف، وليس من المعروف إكراهها على شيء لا تحبه، خاصة أن الرقص ليس من واجبات الزوجة المعلومة.
والله -تعالى- أعلم
[1] أخرجه مسلم(892).
[2] أخرجه مسلم(2742).