الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وصحابته، ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
اختلف الفقهاء -رحمهم الله- فيما إذا كان على حلي المرأة زكاة أم لا، فمنهم من أوجب الزكاة فيه؛ استدلالًا بقول الله -عز وجل-: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، [التوبة:34]؛ واستدلالًا أيضًا بما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنَّ امرأةً أتت رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتِها مَسكتانِ غليظتانِ مِن ذهبٍ، فقالَ لها: “أتُعطينَ زَكاةَ هذا؟” قالت: لا. قالَ: “أيسرُّكِ أن يسوِّرَكِ اللَّهُ بهما يومَ القيامةِ سوارينِ من نارٍ”، قالَ: فخلعَتْهما، فألقتْهما إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وقالت: هما للَّهِ -عز وجل- ولرسولِه([1]).
ومن الفقهاء من ذهب إلى أنه ليس في حلي المرأة زكاة، واستدلوا بعدد من الأحاديث والأقوال، ومنها ما رواه جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ليس في حلي المرأة زكاة”([2])، ومنها ما روي عن عدد من الصحابة والتابعين، بأنه ليس في هذا الحلي زكاة؛ لأنه مرصد للاستعمال.
وحاصل القول: إنه إذا كان الحلي المشار إليه معدًّا لغير الزينة والاستعمال، كأن يكون معدًّا للتجارة والتباهي به ونحوه، فهذا تجب فيه الزكاة، أما إذا كان معدًّا للاستعمال فلا زكاة فيه، مثله مثل ثياب المرأة وجواهرها من غير الذهب والفضة، ومثله كذلك مثلما يستعمل من الأواني ونحوها.
والله -تعالى- أعلم.
[1] صحيح سنن أبي داود للألباني رقمه (1563).
[2] رواه الدارقطني في باب (زكاة الحلي) برقم (1926) وقال: أبو حمزة هذا ميمون ضعيف الحديث.