الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد يعجب المرء من معلم يقصر في تعليمه لطلابه، ولكن قد يصعب على المرء تصور قيام معلم بطلب رشاوى لتزوير نقاط الامتحان؛ لأن هذا الفعل منكر عظيم، وخيانة لأولياء الطلاب الذين يرون في معلم أولادهم قدوة حسنة، وخيانة للجهة التي يعمل فيها هذا المعلم، وخيانة للعلم والأخلاق، فالطلاب أمانة عند هذا المعلم، وقد عظم الله أمرها في قوله -عز وجل-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]، وحرَّم -عز وجل-عن خيانة الأمانة فقال -عز ذكره-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]، وكما عظم الله أمر الأمانة وحرم خيانتها عظمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل الخائن لأمانته من المنافقين، وهؤلاء من أشرار الخلق، قال -عليه الصلاة والسلام-: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)([1]).
فالواجب على هذا المعلم أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا ليكفر عن سيئاته، وأن يخلص في تعليمه ابتغاء وجه الله، والخشية منه؛ فالرشاوى أمرها عظيم، فقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- – المرتشي، واللعن الطرد من رحمة الله والبعد عنه، قال -جل في علاه-: {وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 52].
وعلى الأخت إذا كانت تخشاه تبحث عمن يرفع أمره إلى المسؤول الأعلى منه عن سلوكه.
والله -تعالى- أعلم
[1] – أخرجه البخاري برقم : (33).