الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فمن الواجب على الأب – أي أب – أن يزوج ابنته إذا تقدم لها خاطب كفؤ في دينه وخلقه؛ عملًا بقول الله- تعالى-: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 232) وقد نزلت هذه الآية في أخت معقل بن يسار فقد ورد أنه زوج أخته رجلًا من المسلمين ، على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فكانت عنده ما كانت ، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة ، فهويها وهويته ، ثم خطبها مع الخطّاب ، فقال له : يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها ، فطلقتها ! والله لا ترجع إليك أبدًا ، آخر ما عليك . قال : فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها ، فأنزل الله : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ) إلى قوله : ( وأنتم لا تعلمون ) فلما سمعها معقل قال : سمعًا لربي وطاعة، ثم دعاه ، فقال : أزوجك وأكرمك ، زاد (ابن مردويه) : وكفّرت عن يميني([1]). فنزلت هذه الآية في تحريم عضل الولي لموليته، ودعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – معقلًا وقاله له:( إن كنت مؤمنًا فلا تمنع أختك من زوجها)([2]) وقد وصف الله -عز وجل- أن عدم عضل المرأة فيه زكاة وتطهير لوليها من الإثم، فالحكم في هنا واحد لمن تريد الرجوع إلى زوجها بعد طلاق، أو تلك التي تنتظر الزواج فيمنعها وليها منه.
هذا في العموم. أما في سؤال الأخت فلا يجوز لأبيها منعها من الزواج بحجة دراستها، فالزواج ممن هو كفؤ لها لا يمنع من دراستها، والنصيحة للأب أن يتقي الله وليسمح لموليته بالزواج؛ لأنها أمانة عنده متعلقة بذمته، فإن أصر على عضلها فلها الحق أن تتقدم إلى ا لقضاء لتزويجها، فالقضاء ولي من لا ولي له. والله – تعالى- أعلم.
[1] تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص 37.
[2] فتح الباري ج9 ص 88.