الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله و أصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:
فما ذكرته الأخت في السؤال يعد استحاضة؛ لأن هذا الدم ينزل في غير وقته، والشاهد فيه استحاضة أمِّ حبيبةَ بنت جحشٍ امرأة عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، وهيَ أختُ زينبَ بنتِ جحشٍ زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتَتْ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فقالَ إنَّ هذهِ ليست بالحيضةِ ولكن هذا عِرقٌ، فإذا أدبرتِ الحيضةُ فاغتسِلي وصلِّي، وإذا أقبلت فاترُكي لها الصَّلاةَ. قالت عائشةُ فكانت تغتسلُ لكلِّ صلاةٍ وتصلِّي، وكانت تغتسلُ أحيانًا في مِركَنٍ في حجرةِ أختِها زينبَ وهيَ عندَ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-حتَّى إنَّ حمرةَ الدَّمِ لتعلو الماءَ وتخرجُ فتصلِّي معَ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فما يمنعُها ذلكَ منَ الصَّلاةِ([1]). والشاهد أيضًا حديث عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ -رضي الله عنها-إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ فَقَالَ: “لاَ، إِنَّمَا ذلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ، فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي” وفي رواية للبخاري: “ثمَّ تَوضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتى يَجيء ذلكَ الوقتُ” ([2]).
وعلى هذا تتلخص أحكام الاستحاضة فيما يلي:
أولًا: وجوب وضوء المستحاضة لكل صلاة؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-“ ثمَّ تَوضَّئي لكلِّ صلاةٍ”.
ثانيًا: عليها غسل فرجها قبل وضوئها للصلاة، وحشوه بما يدفع النجاسة أو يقللها، فإن لم ينقطع الدم فتشد على الفرج بما يدفع النجاسة.
ثالثًا: لا يجب عليها الغسل إلا مرة واحدة حينما يتوقف الدم.
رابعًا: يجب عليها ألا تتوضأ قبل دخول وقت الصلاة، وهذا ما عليه جمهور العلماء.
خامسًا: يجوز لزوجها وطؤها، عند جمهور العلماء، وفي هذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :”المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت؛ الصلاة أعظم”([3]). وكانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها يغشاها([4]).
سادسًا: المستحاضة لها حكم الطاهرة، وتصلي وتقرأ القرآن وتفعل ما تفعله الطاهرة.
فهذه خلاصة الأحكام للمستحاضة، نرجو للأخت استيعابها لتتغلب على ما تعانيه.
والله -تعالى- أعلم.
[1] أخرجه أبو داود (285)، والنسائي (204) واللفظ له، وابن ماجه (626)، وأحمد (24582) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم(204).
[2] أخرجه البخاري (228)، ومسلم (333).
[3] فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني ج1 ص 587.
[4] فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني ج1 ص 587.