سؤال من الأخت ليلى ..من الجزائر، تقول فيه: شيخنا، مالعمل مع والد لا يصلي، أو أنه يصلي يومًا ويتوقف شهرًا – بارك الله فيكم-؟

الوالد الذي يصلي يومًا ويترك الصلاة شهرًا

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

     فإن أمر الصلاة أمر عظيم؛ لأنها الصلة بين العبد وربه، ولأنها أحد أركان الإسلام ولا يقبل للعبد أي عمل ما لم يصل؛ لقول عمر – رضي الله عنه- : “إن أهم أمركم عندي الصلاة، من حفظها أو حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع”([1]). والصلاة من أوامر الله وفروضه كما قال  -عز ذكره-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)(النساء:103) وهي مما حذر الله عن تركها أو التهاون فيها بقوله -جل في علاه- : ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)(مريم:59). والأحكام في وجوب الصلاة والمحافظة عليها كثيرة ومعلومة للمسلم من دينه بالضرورة، فلا يماري  فيها إلا من أضل نفسه واتبع هواه .

   وترك الصلاة على نوعين : الأول : إن كان تاركًا جاحدًا لوجوبها فهذا كافر بالإجماع، والأصل فيه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)([2]). أما إن كان تاركًا لها تهاونًا فيها وفي وقتها ففي فعله قولان: الأول أنه يكفر كالجاحد لها، والثاني: أنه عاص لله ولرسوله، ويكون تحت مشيئة الله ورحمته، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه .

  وفي كل الأحوال يعد المتهاون في الصلاة عاصيًا لله ولرسوله، وقد بين الله عقوبته في  قوله -عز وجل-: ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ )(الماعون:4-5). والويل هنا إما شدة العذاب أو واد في جهنم .

   هذا في عموم المسألة بإيجاز ، أما عن سؤال الأخت عن الوالد الذي يصلي أحيانًا ويترك الصلاة أحيانًا أخرى، فهذا يدخل فيمن توعدهم الله بـ ( الويل )،والوالد له حق على ولده، ومن أعظم الحقوق نصيحته وتذكيره باللين والموعظة الحسنة بوجوب الصلاة وعدم الغفلة عنها، وأن تهاونه هذا يعد عصيانا لله ولرسوله،  وعاقبته الندامة والخسران؛ لأن العبد لا يدري متى يفاجئه الأجل، فحينئذ لا تنفعه توبته ولا ينفعه ولده أو ماله، فالتوبة قبل حلول الأجل كما قال -عز وجل-: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ)(النساء:18) .

 وعلى الأخت أن تذكر والدها بأن ما يفعله ضلال مبين، وعليها مصاحبته بالمعروف. ونرجو الله -عز وجل- أن يعينها ويهدي كل من ضل عن الطريق المستقيم. إنه ولي ذلك والقادر عليه .

[1] – أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج1ص654.

[2] -أخرجه الترمذي برقم : (6221).