الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر السؤال أن الأخت كانت حبلى، وكانت مريضة، ولم تصم شهر رمضان، وتسأل عما إذا كان عليها القضاء. والجواب: أن الله -جل في علاه- قد وسع على عباده ولم يضيق عليهم فيما أمرهم به، فقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، وقال -تقدس اسمه-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].
فالحبلى إذا خافت على ولدها من صيامها أفطرت، وأطعمت كل يوم مسكينًا، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ، وَالصَّوْمَ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ )([1]). وقد سئل عبد الله بن عمر عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها قال: تفطر وتطعم كل يوم مسكينًا من حنطة([2])، وهو قول ابن عباس، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى: أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لا تُطِيقُهُ، فَعَلَيْك الْفِدَاءُ، وَلا قَضَاءَ عَلَيْك([3]).
وعند أبي حنيفة وأبي ثور أنها تقضي ولا إطعام عليها([4])، وعند الإمام الشافعي([5]) وأحمد([6])، أن الحبلى إن خافت على الولد فقط أفطرت وعليها القضاء والفدية، وإن خافت على نفسها أو على ولدها فعليها القضاء لا غير.
وحاصل القول بالنسبة للأخت أن عليها قضاء الأيام التي أفطرت فيها.
والله – تعالى- أعلم.
[1] رواه الترمذي (715)، والنسائي (4/180)، وابن ماجه (1667)، وأحمد (4/347) (19069)، حسنه الترمذي، وجوّد إسناده ابن تيمية في ((مجموعة الرسائل والمسائل)) (2/293)، وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/283): جيد، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن صحيح، وحسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (2/43)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (74).
[2] الاستذكار لابن عبد البر ج10 ص 218-221.
[3] التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر ج2 ص 812.
[4] المختار بشرح الاختيار لتعليل المختار، لعبد الله بن محمود الموصلي ج1 ص174.
[5] المجموع شرح المهذب للنووي ج6 ص 273.
[6] المغني لابن قدامة ج 3 ص 37.