سؤال من الأخت: ق. ي. من مصر، يقول: كيف يعرف العبد أن الله يحبه وأنه محبوب لديه؟

محبة الله للعبد من عباده

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فأسباب محبة الله للعبد كثيرة، منها محبته لربه وطاعته، والإخلاص في عبادته، واتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، ومنها محبة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وطاعته والائتمار بما أمر به والانتهاء عما نهى عنه، فلا تكون محبة الله إلا بمحبة نبيه ورسوله، قال -عز وجل-: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31]، ومن أسباب محبة الله للعبد نفعه لعباده والنصح لهم وعدم ظلمهم، ففي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله))([1]).

ومن أسباب هذه المحبة حسن الأخلاق ومعاملة الناس بالحسنى والكلمة الطيبة، وفي هذا قال -عز ذكره- لنبيه ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [الإسراء: 53]، ومن أسباب محبة الله للعبد ابتغاء العبد لرضاه، واجتناب سخطه ولو أسخط ذلك عليه الناس، وفي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ))([2]).

فإذا كان العبد على هذه الصفة من طاعة الله وطاعة رسوله فهذا دليل على محبة الله له، وإذا أحب الله عبده حببه إلى خلقه، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ، وإذا أبْغَضَ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فيَقولُ: إنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضْهُ، قالَ فيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في أهْلِ السَّماءِ إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضُوهُ، قالَ: فيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ له البَغْضاءُ في الأرْضِ))([3]).

فالحاصل أنه كلما اقترب العبد من ربه بطاعته وطاعة رسوله أحبه، وأنزل محبته في قلوب عباده، والله -تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه البزار، برقم: (6947)، (13/332)، وأبو يعلى، برقم: (3315)، (6/65)، من حديث أنس -رضي الله عنه-، والطبراني في الكبير، برقم: (10033)، (10/86)، من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم: (‌‌2946)، ص: (432).

([2]) أخرجه الترمذي، أبواب: الزهد، برقم: (2414)، (4/213)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم: (‌‌2311)، (5/392).

([3]) أخرجه البخاري، كتاب: الأدب، باب: المقة من الله تعالى، برقم: (6040)، (8/14)، ومسلم، كتاب: البر والصلة والآداب، برقم: (2637)، (8/40)، واللفظ له.